للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونجد ما يرجح هذا الفهم من قول الله عز وجل، {فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين}. حيث نجد بعد هذه الآية مباشرة قوله تعالى: {إنا كفيناك المستهزئين (١)}.

لقد كان الصدع بعد تكفل الله تعالى بحماية رسوله وكفايته من المستهزئين. وإذا كان ذلك قد تم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خلال الوحي، فقيادة الحركة المسلمة الرشيدة هي المسؤولة عن تقدير هذه المرحلة، وإمكاناتها للانتقال إلى مرحلة لاحقة.

ويؤكد هذا الفهم من جهة ثانية - وهو عدم ارتباط هذه المرحلة بزمن معين أو محدد - أن بعض المسلمين في غير مكة بقوا على سريتهم أزمنة مختلفة حسب إمكانياتهم في قبائلهم، وقدرتهم على الدعوة والاصطفاء (٢).

السمة الثانية

قيام الدعوة على الإصطفاء

فهي ليست دعوة علنية تقام في الأندية العامة والمجالس والمحافل؛ إنما تقوم على الاصطفاء الشخصي، وتقدير الداعية لطبيعة المدعو.

لقد وجدنا أن اللبنات الأولى للدعوة كانت خديجة رضي الله عنها أول من آمن في الأرض من النساء، وهي زوج النبي عليه الصلاة والسلام، وأبو بكر رضي الله عنه وهو صديقه الحيم. وعلي بن أبي طالب وهو ربيبه وفي رعايته وبيته، وهو بمثابة ابنه، وزيد بن حارثة مولاه. وعندما انطلق أبو بكر رضي الله عنه بالدعوة اختار الطريق نفسه.


(١) سورة الحجر الآية ٩٥.
(٢) الذي حدا بنا إلى هذا الإسهاب هو أن بعض الحركات الإسلامية الحديثة تأخذ بمفهوم الزمن في السيرة. فتحدد مسيرتها زمنيا بمسيرة السيرة النبوية، مما أوقعها في تناقض واضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>