للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأذن له أن يقول. نقاط علامة ثلاث - كما رأينا - في غزوة الخندق حولت مجرى المعركة كاملا: فحفر الخندق أحبط الهجوم كله، وحصر خسائر المسلمين في ستة قتلى فقط. والثبات عند خبر بني قريظة والتكبير والبشارة بالنصر رفع المعنويات للجيش، وأي قائد غير رسول الله ما كان أمامه إلا إعلان الاستسلام، في الوقت الذي خطر الخبر على أركان جيشه فقط. لولا تسريب الخبر عن طريق اليهود للمنافقين (١).

وبقي الفكر البشري يجهد ويدأب، فاتجه إلى تحطيم الحصار عن طريق شق صف العدو بإعطائه ثلث ثمار المدينة، ثم التراجع عن الفكرة عند استعداد الجيش للتضحية. ولكن شق صف العدو بقي هدفا في حد ذاته وضعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين يدي نعيم. حتى تحقق الهدف وحطم الحصار. وانجلى الموقف عن نصر مؤزر للمسلمين.

السمة الرابعة والعشرون

النصر الإلهي في قلب المحن

بعدما رأينا الجهد البشري في البذل رجالا ونساء، والجهد البشري في البناء والتخطيط، ووجدنا أنه المدى الأقصى الذي يملكه البشر في عالمهم. يصبح من المناسب جدا أن نتحدث عن سمة النصر الإلهي في قلب المحن، والعون الرباني في خضم المعارك، فالله تعالى لا يفعل بعذاب عباده شيئا، والله تعالى وعد بنصر جنده وعباده الصالحين.

{وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات، ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا .. (٢)}. {ولقد


(١) المقاطع الثلاثة من إمتاع الأسماع ١/ ٢١٩ - ٢٢٠ و ٢٢٩ - ٢٣٠ و ٢٣٥ - ٢٣٦.
(٢) سور النور، من الآية ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>