قد نقضت العهد وحاربت. فاشتد ذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال: حسبنا الله ونعم الوكيل، وبعث الزبير بن العوام رضي الله عنه إليهم لينظر، فعاد بأنهم يصلحون حصونهم، ويدربون طرقهم وقد جمعوا ماشيتهم؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: إن لكل نبي حواريا. إن! حواري الزببر، ثم بعث سعد بن معاذ، وسعد بن عبادة، وأسيد بن حضير لينظروا ما بلغه عن بني قريظة وأوصاهم - إن كان حقا - أن يلحنوا (أي يلغزوا) لئلا يفت في أعضاد المسلمين ويورث وهنا، فوجدوهم مجاهرين بالعداوة والغدر فتسابوا ونال اليهود من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسبهم سعد بن معاذ وانصرفوا عنهم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ما وراءكم؟ قالوا: غضل والقارة. (يعنون كدرهم بأصحاب الرجيع). فكبر - صلى الله عليه وسلم - وقال: أبشروا بنصر الله وعونه.
٣ - وأقام - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه محصورين بضع عشرة ليلة حتى اشتد الكرب ... وأرسل إلى عينية بن حصن، والحارث بن عوف - وهما رئيسا غطفان - أن يجعل لهما ثلث ثمار المدينة ويرجعان بمن معهما فطلبا نصف الثمر فأبى عليهم إلا الثلث، فرضيا، وجاءا في عشرة من قومهما حتى تقارب الأمر ... فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سعد بن معاذ وسعد بن عبادة فاستشارهما فقالا:
إن كان هذا أمرا من السماء فامض له، وإن كان أمرا لم تؤمر به ولك فيه هوى فسمع وطاعة. وإن كان إنما هو الرأي فما لهم عندنا إلا السيف. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إني رأيت العرب رمتكم عن قوس واحدة فقلت أرضيهم ولا أقاتلهم (أو فأحببت أن أخفف عنكم). فقالا: يا رسول الله، والله إن كانوا ليأكلون العلهز في الجاهلية من الجهد، ما طمعوا بهذا منا قط: إن يأخذوا تمرة واحدة إلا بشراء أو قرى! فحين أتانا الله بك، وأكرمنا بك، وهدانا بك، نعطي الدنية! لا نعطيهم أبدا إلا السيف. فقال - صلى الله عليه وسلم -: شق الكتاب، فشقه سعد، فقام عيينة والحارث. فقال - صلى الله عليه وسلم -: ارجعوا، بيننا السيف، رافعا صوته. وكان نعيم بن مسعود صديقا لبني قريظة. فقذف الله في قلبه الإسلام، فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلا فأسلم، فأمر أن يخذل الناس،