للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجيش من مواصلة المطاردة. وطبعا فهو ينجح في الاجتناب عن لقائه، فقد مر به ركب من عبد القيس يريد المدينة، فقال: هل أنتم مبلغون عني محمدا رسالة. وأوقر لكم راحلتكم هذه زبيبا بعكاظ إذا أتيتم إلى مكة؟ قالوا: نعم. قال: فأبلغوا محمدا أنا أجمعنا الكرة، لنستأصله ونستأصل أصحابه.

فمر الركب برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهم بحمراء الأسد فأخبرهم بالذي قاله أبو سفيان وقالوا: إن الناس قد جمعوا لكم فاخشموهم، فزادهم - أي زاد المسلمين قولهم: ذلك - إيمانا وقالوا: حسبنا الله ونعم الوكيل. {فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم}.

أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحمراء الأسد - بعد مقدمه يوم الأحد - الإثنين والثلاثاء والأربعاء - ٩/ ١٠/ ١١ شوال سنة ٣ هـ ثم رجع إلى المدينة (١).

ز - الثبات يوم الخندق، ومحاولة تفتيت الصف:

١ - فندب الناس وأخبرهم خبر عدوهم، وشاورهم: أيبرز من المدينة، أم يكون فيها ويخندق عليها؟ أم يكون قريبا والجبل وراءهم؟ فاختلفوا. وكان سلمان الفارسي يرى رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهم بالمقام في المدينة ويريد أن يتركهم حتى يردوا. ثم يحاربهم على المدينة وفي طرقها - فأشار بالخندق فأعجبهم ذلك، وذكروا يوم أحد فأحبوا الثبات في المدينة، وأمرهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالجد، ووعدهم النصر إن هم صبروا واتقوا وأمرهم بالطاعة، وركب فرسا له - ومعه عدة من المهاجرين والأنصار - فارتاد موضعا ينزله، وجعل سلعا خلف ظهره، وعمل في حفر الخندق لينشطهم.

٢ - فبينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قبته - والمسلمون على خندقهم يتناوبونه، معهم بضع وثلاثون فرسا، والفرسان يطوفون على الخندق - إذ جاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: يا رسول الله: بلغني أن بني قريظة


(١) أخذنا هذا التلخيص الجيد كله عن الرحيق المختوم للمباركفوري، عدا فقرة واحدة - من الصفحات ٢٩٤ - ٣٢٠، وهي من أوفى ما كتب في شرح الغزوة وإيضاح عبقرية الرسول صلى الله عليه وسلم في قيادتها وتحويل الهزيمة الساحقة إلى نصر مؤزر ترتجف له قلوب الجيش المكي هاربة من لقائه إلى مكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>