للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[السمة الثانية عشرة: نصر الله والفتح: فتح مكة]

قال ابن إسحاق: ثم أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد بعثه إلى مؤته جمادى الآخرة ورجبا ثم إن بني بكر بن عبد مناة بن كنانة عدت على خزاعة وهم على ماء لهم بأسفل مكة يقال له الوتير:

فلما تظاهرت بنو بكر وقريش على خزاعة وأصابوا منهم ما أصابوا ونقضوا ما كان بينهم وبين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من العهد والميثاق بما استحلوا من خزاعة وكانت في عقده وعهده خرج عمرو بن سالم الخزاعي ثم أحد بني كعب حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وكان ذلك مما هاج فتح مكة، فوقف عليه وهو جالس في المسجد بين ظهراني الناس. فقال:

يا رب إني ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا

فانصر رسول الله نصرا أعتدا ... وادعو عباد الله يأتوا مددا

إن قريشا أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا

هم بيتونا بالوتير هجدا ... وقتلونا ركعا ... وسجدا

فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نصرت يا عمرو بن سالم ثم عرض لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنان من السماء فقال: إن هذه السحابة لتستهل بنصر بني كعب ...

ثم خرج أبو سفيان حتى قدم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، فدخل على ابنته أم حبيبة بنت أبي سفيان فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طوته عنه: فقال: يا بنية ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش، أم رغبت به عني. قالت: بل هو فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنت رجل مشرك نجس، ولم أحب أن تجلس على فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: يا بنية لقد أصابك بعدي شر.

ثم خرج حتى أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فكلمه فلم يرد عليه شيئا، ثم ذهب إلى أبي بكر فكلمه أن يكلم له رسول الله، فقال: ما أنا بفاعل، ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه فقال: أأنا أشفع لكم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ والله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به ثم خرج فدخل على علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، وعنده فاطمة بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنها وعندها حسن بن علي غلام يدب بين يديها، فقال: يا علي إنك أمس القوم بي رحما، وإني قد جئت في جاجة فلا أرجعن كما جئت خائبا. فاشفع لي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فقال: ويحك يا أبا سفيان والله لقد عزم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه، فالتفت إلى فاطمة فقال: يا ابنة محمد هل لك أن تأمري بنيك هذا فيجير بين الناس، فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر؟ قالت: والله ما بلغ بني ذاك أن يجير بين الناس إذ ما يجير أحد على رسول

<<  <  ج: ص:  >  >>