نسبا وشرفا، وهم يرون في صفوفهم بلال بن رباح الحبشي العبد الأسود؟.
إنها لعمر الحق هجرة نادرة في التاريخ. وتعال عن كل قيم الأرض وروابطها في سبيل الله، وحق لهؤلاء أن يقول لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: لهم هجرة (أي
لمهاجري يثرب) ولكم هجرتان (أي لمهاجري الحبشة).
السمة الخامسة عشرة
البحث عن مكان آمن للدعوة وقاعدة جديدة للانطلاق
وهو هدف آخر من وراء الهجرة إلى الحبشة غير هدف الحماية لجنود الدعوة وأفرادها، وهذا ما أشار إليه صاحب الظلال - سيد قطب - رحمه الله بقوله: (ومن ثم كان بحث الرسول - صلى الله عليه وسلم - عن قاعدة أخرى غير مكة، قاعدة تحمي هذه العقيدة وتكفل لها الحرية، ويتاح لها أن تخلص من هذا التجميد الذي انتهت إليه في مكة، حيث تظفر بحرية الدعوة، وبحماية المعتنقين لها من الاضطهاد والفتنة .. وهذا في تقديري هو السبب الأهم للهجرة.
ولقد سبق الاتجاه إلى يثرب، لتكون قاعدة للدعوة الجديدة، عدة اتجاهات .. سبقها الاتجاه إلى الحبشة. حيث هاجر إليها كثير من المؤمنين الأوائل، والقول بأنهم هاجروا إليها لمجرد النجاة بأنفسهم لا يستند إلى قرائن قوية، فلو كان الأمر كذلك لهاجر إذن أقل الناس جاها وقوة ومنعة من المسلمين، غير أن الأمر كان على الضد من هذا، فالموالي المستضعفون الذين كان ينصب عليهم معظم الاضطهاد والتعذيب والفتنة لم يهاجروا، إنما هاجر رجال ذوو عصبيات، لهم من عصبياتهم - في بيئة قبلية .. ما يعصمهم من الأذى، ويحميهم من الفتنة، وكان عدد القرشيين يؤلف غالبية المهاجرين، منهم جعفر بن أبي طالب - وأبوه وفتيان بني هاشم معه هم الذين كانوا يحمون النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومنهم الزبير بن العوام، وعبد الرحمن بن عوف، وأبو سلمة المخزومي، وعثمان بن عفان الأموي ... وغيرهم، وهاجرت نساء كذلك من