وبعد أن تمت البيعة طلب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انتخاب اثنى عشر زعيما يكونون نقباء على قومهم، يكفلون المسؤولية عليهم في تنفيذ بنود هذه البيعة. (فقال للقوم: أخرجوا إلي منكم اثني عشر نقيبا ليكونوا على قومكم بما فيهم (١)). فتم انتخابهم في الحال، وكانوا تسعة من الخزرج، وثلاثة من الأوس ... ولما تم انتخاب هؤلاء النقباء أخذ عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - ميثاقا آخر بصفتهم رؤوساء مسؤولين. قال لهم: أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم وأنا كفيل على قومي - يعني المسلمين - قالوا: نعم.
لم تنته القضية بعد فلن يستطيع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يتصل بكل فرد من هؤلاء المبايعين كل مرة. ولن يستطيع أن يبايع كل أفراد الأمة المسلمة على ذلك فلا بد من انتخاب قيادة مسؤولة مسؤولية مباشرة عن هذه القواعد.
وتم الأمر بانتخاب تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس.
١ - إن مفهوم الاختيار والانتخاب في نظام الحكم الإسلامي مفهوم أساسي، والغريب في الأمر أن يوجد من يناقش في هذا المبدأ في صفوف الحركة الإسلامية. ومن يناقشون في هذا الأمر يقوم تصورهم على أن الأمير في الإسلام هو الحاكم المطلق الذي لا يناقش إلا إذا عصى الله تعالى، ولا يقيمون وزنا لرأي القواعد الإسلامية في اختيار قيادتها الحاكمة. وهو تصور مخطىء ولا شك. وإن كان في هذه الأرض من يحق له أن يستعمل رأيه دون الرجوع إلى القواعد المسلمة، فهو رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، لأنه المؤيد بالوحي من الله تعالى، والناطق به. وكان بإمكانه عليه الصلاة والسلام وهو يقوم على اختيار المسؤولين لديه أن يختار الذين بايعوا في بيعة العقبة