(ولم يكن الخطر مقتصرا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل على المسلمين كافة، فقد روى أبي بن كعب، قال: لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه المدينة، وآوتهم الأنصار، رمتهم العرب عن قوس واحدة، وكانوا لا يبيتون إلا بالسلاح ولا يصبحون إلا فيه (١)). وهذه الظاهرة مهمة جدا أن يستوعبها شباب الحركة الإسلامية خاصة الذين يحملون السلاح الآن ضد العدو لإسقاط أنظمة الكفر. فالشيء الذي يسيطر على نفوس الشباب هو ساعة المعركة والحسم مع العدو، وإسقاط النظام الكافر لإقامة دولة الإسلام على أنقاضه، لكنهم يحسبون أن الأمر منته بهذه المعركة. وبعد ذلك تدين قوى الأرض كلها وتخاف دولة الإسلام.
إن الأمر أبعد من ذلك بكثير، وإن الحسم مع العدو لإقامة دولة الإسلام هو الخطوة الأولى على الطريق، وهو المعركة الأولى في تاريخ المعارك. هو نقطة البدء، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد كانت معاركه كلها، غزواته وسراياه بعد إقامة دولة الإسلام، ولا يظهر تواطؤ أهل الأرض من الكفار والمشركين إلا بعد قيام دولة الإسلام. وإذا كانت الحركة الإسلامية بحاجة إلى أن تجند بعض طاقاتها قبل قيام دولة الإسلام فهي بحاجة أشد إلى أن تجند كل طاقاتها وطاقات المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها لحماية دولة الإسلام.
وعندما قامت دولة الإسلام الأولى في الأرض بقيادة الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان كل مسلم قد بلغ الخامسة عشرة من عمره جنديا في المعركة، وذلك بعد أن فرض الجهاد على المسلمين، ولكن روعة هذه العقيدة وعظمة هذا الدين هي أن هذه الجندية كانت جندية اختيارية يتسابق فيها المسلمون إلى المعركة. وإذا استثنينا المنافقين فلقد كانت كل طاقات المسلمين وشبابهم للمعركة.