إننا لنعلم أن المسلمين خاضوا حربا من أجل امرأة راودها يهودي على كشف وجهها عندما كانت المرحلة تقتضي ذلك. بينما لم يخوضوا تلك الحرب وأبو جهل يطعن سمية في قبلها فيقتلها. فالأمر في كلا الحالتين منطلق من توجيهات القيادة المسلمة التي تعرف طبيعة المرحلة وتخطط لها وعلى الجنود الالتزام بها. أما العواطف الثائرة التي لا تعرف الإنضباط والتي لا تستجيب للالتزام فلتبحث لها عن مكان خارج الحركة الإسلامية.
السمة الثانية والثلاثون
الاستفادة من العناصر المشتركة بين الإسلام والعقائد الأخرى
لقد كان هناك هدنة -إذا صح التعبير- بين الإسلام وبين النصرانية واليهودية في هذه المرحلة، وعقائد اليهود لم تتغير، وعقائد النصارى لم تتغير، ولكن المعركة في هذه المرحلة مفتوحة مع الوثنية. ونلحظ هذا الموقف في جانبين:
الجانب الأول مع الوفد القادم من المدينة، من مشركي مكة الذين مضوا إلى اليهود في يثرب يسألونهم عن دين محمد - صلى الله عليه وسلم - فقالوا لهم: سلاه عن ثلاث. فإن أجابكم عنها فهو نبي مرسل وإلا فهو متقول كذاب. سلاه عن رجل طواف في الآفاق ماذا كان خبره، وسلاه عن فتية في الدهر الأول ماذا كان خبرهم، وسلاه عن الروح. وقد أجاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على هذه الثلاث.
وبذلك شعر المشركون على الأقل أن اليهود، ومحمدا - صلى الله عليه وسلم - في معسكر واحد. وكان هذا واضحا لديهم لأنهم عندما انتصر الفرس على الروم فرحوا بذلك بينما حزن المسلمون حتى ليتراهن أبو بكر رضي الله عنه، وأحد المشركين على نصر الروم على الفرس خلال بضع سنين. {الم غلبت الروم