للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا ما نلاحظه ثالثا. فعندما عرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إعلان جهرية العبادة والقيام بتظاهرة علنية جماعية في مكة. ورأى رسول الله أن الظروف غدت مواتية استجاب لرغبة الفاروق رضي الله عنه، وخرج المسلمون في صفين على رأس أحدهما عمر، وعلى رأس الثاني الحمزة، وأعلنا في مكة صوت الإسلام الداوي، ودخلا الكعبة بالمسلمين، ومضى المسلمون في صلاتهم ما بين قائم وراكع وساجد، ولم يكن الأمر عبارة عن حدث عارض. بل كان خطأ جديدا في تاريخ هذه الدعوة كما ذكر ابن مسعود رضي الله عنه: (ما كنا نقدر أن نصلي عند الكعبة حتى أسلم (١) عمر). وقول صهيب بن سنان رضي الله عنه: (لما أسلم عمر ظهر الإسلام، ودعي إليه علانية، وجلسنا حول البيت حلقا، وظفنا بالبيت وانتصفتا ممن غلظ علينا، ورددنا عليه بعض ما يأتي به (٢)). وقول عبد الله بن مسعود: (ما زلنا أعزة منذ أن أسلم عمر (٣)).

وتشير النصوص - كما أسلفنا إلى أن هذه الخطوة الحاسمة. أعطت حرية الدعوة والعبادة للمسلمين جميعا. وعجز المشركون بعدها أن يحولوا دون ذلك. واستطاعت بعض الشخصيات التي كانت محافظة على سريتها في العبادة والدعوة أن تظهر علانية لا تخاف في الله لومة لائم. وكان إسلام عمر والحمزة منعطفا جديدا من منعطفات الدعوة الإسلامية.

إن إسلام الحمزة وعمر رضي الله عنهما هو بمثابة انقلاب عسكري في وقتنا الحاضر، يهيء للدعوة الإسلامية مناخا جديدا للدعوة والعبادة. وهذه النقطة بحاجة إلى أن نقف عندها قليلا لنراعي المرحلية في هذا المنهج الخالد. إننا نجد ثورة عارمة من الشباب الإسلامي اليوم، لو أن انقلابا عسكريا قام وهيأ الحرية المتاحة للدعوة والعبادة. كمرحلة إلى الهدف النهائي - إقامة دولة الإسلام في الأرض - والحكم بشريعة الله عز وجل.


(١) و (٢) و (٣) الرحيق المختوم للمباركفوري ص ١٢١، نقلا عن مصادر متعددة في الحديث والسيرة ذكر تخريجها من قبل.

<<  <  ج: ص:  >  >>