لم يستطع الانقلاب الذي قام به حمزة وعمر رضي الله عنهما أن يحقق دولة الإسلام في الأرض. لقد بقيت الأصنام والأوثان، وبقي الخمر والزنا، وبقيت معالم الجاهلية كاملة لم يزل منها معلم واحد، ومع ذلك اعتبر إسلامهما فتحا إسلاميا، وعزة عظيمة. لأنه خطا بالدعوة من مرحلة الخوف والاضطهاد والتعذيب إلى مرحلة العلنية والحرية في العبادة والدعوة، بل سمي عمر رضي الله عنه - فاروقا - من أجل ذلك.
إن الشباب المتحمس اليوم يرى في هذه الخطوة تخاذلا وتخليا عن حاكميه الله في الأرض، حيث أنه يقدم الدماء اليوم للوصول إلى هذا الهدف. بل يتهم قيادة الحركة الإسلامية بالتواطؤ، والجهل، والخيانة. لأنها لم تحقق هذا الهدف، إقامة شريعة الله في الأرض.
وحين تكون الظروف لا تهيء أكثر من هذه الخطوة على الهدف، تهيئة الجو الملائم لانتشار الدعوة، وانتصارها لتصل إلى الحكم النهائي. يتشنج بعض الشباب، ويثير الحرب على قيادته. بل يتهمها في دينها وعقيدتها.
ما أحوجنا إلى أن نتأدب بأدب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأدب سيرته، ونلحظ هذه المرحلية المتتالية للوصول إلى الهدف النهائي، والهدف النهائي مرتبط بالقوة والقدرة على تحقيقه، وليس جهلا أو غباء أو انحرافا عن دين الله عز وجل.
فقد تكون الحركة الإسلامية غير قادرة على إنهاء الجاهلية كلها من جذورها، بل تقتضي الظروف السياسية والاجتماعية والدولية أن يكون الوصول للحكم من خلال مؤسسات دستورية عن طريق الحرية والانتخابات. ولا تملك القوة العسكرية للمسلمين أكثر من حماية هذه الحرية.
لم يقم المسلمون بعد إسلام عمر رضي الله عنه بتكسير الأصنام