الضخمة. إنها حين تكون الصدمة قوية قد تغير الكيان كله، وهذا ما وقع في قدر الله - ودفع إلى إسلام عظيم الرجال عمر بن الخطاب.
ولا ننسى أبدا ذلك الحوار الذي جرى بين إحدى المسلمات المهاجرات مع زوجها. يقول لها عمر وهو على شركه: إنه الانطلاق يا أم عبد الله.
تقول: نعم لقد آذيتمونا وقهرتمونا وأخرجتمونا من بلادنا، فيقول لها:
صحبتكم السلامة. ويأتي زوجها فتقص عليه ما رأت من رقة عمر فيقول لها:
أوتطمعين أن يسلم عمر؟. والله لن يسلم حتى يسلم حمار الخطاب. ولم يكن هذا اليأس القاتل ليسيطر على نفس هذا الصحابي لولا رؤيته الحرب العنيفة الشرسة التي يشنها عمر على الإسلام.
ما أحوج الحركة الإسلامية إلى أن تحسن اصطفاء العظماء، وتكشف من خلف حجب الظلام المتكاثفة المعدن الثمين النفيس لهم. فتدفع بكل طاقاتها وإمكاناتها لاختراق هذه الحجب حتى تمس أسلاك القلب الخامد الخافت، فإذا به ينبعث حيا بنور الإسلام، ينتفض مشرقا بحلاوة الإيمان وروعته.
ولعل خروج عمر رضي الله عنه - متوشحا سيفه - قاصدا قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان ثأرا لخاله - أبي جهل بن هشام - الذي طعن في كبريائه من حمزة بن عبد الطلب - بطل بني هاشم، فكيف يسكت على الضيم يلحق ببني مخزوم وحلفائهم بني عدي من بني عبد المطلب؟ ما الذي حطم هذه العصبية الكالحة الخانقة.
لقد تحطمت على صلابة العقيدة من هذه المرأة العزلاء، فاطمة بنت الخطاب أخته، لقد وجد نفسه صغيرا صغيرا تافها أمام الدم المنفجر من جرح أخته العزلاء من كل شيء. وهي تتحدى شخصه، وتهشم كبرياءه قائلة له: وقد كان ذلك على رغم أنفك. إن قمة العنف والطغيان لدى الطاغية قد تنهزم داخليا وتتحطم وتنهار أمام ثبات المستضعفين على الحق، وجلاد وتضحية المجاهدين في سبيل الله. فلنتيقظ إلى هذا الجانب المهم.
ونعرف كم تربح الدعوة ويربح الدعاة حين يثبتون على الحق، كما ثبت