للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(باسمك اللهم، هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو اصطلحا على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه لا إسلال (١) ولا إغلال (٢)، وان بيننا عيبة (٣) مكفوفة، وأنه من أحب أن يدخل في عهد محمد وعقده فعل. وأنه من أحب أن يدخل في عهد قريش وعقدها فعل. وأنه من أتى محمدا منهم بغير إذن وليه رده محمد إليه، وأنه من أتى قريشا من أصحاب محمد لم يردوه. وأن محمدا يرجع عنا عامه هذا بأصحابه، ويدخل علينا من قابل في أصحابه فيقيم بها ثلاثا لا يدخل علينا بسلاح إلا سلاح المسافر، السيوف في للقرب).

شهد أبو بكر بن أبي قحافة، وعمر بن الخطاب، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وعثمان بن عفان، وأبو عبيدة بن الجراح، ومحمد بن مسلمة، وحويطب بن عبد العزى، ومكرز بن حفص وكتب علي صدر الكتاب.

قال سهيل: يكون عندي، وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل عندي ثم كتب له نسخة وأخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكتاب الأول، وأخذ سهيل نسخته. ووثب من هناك من خزاعة فقالوا: نحن ندخل في عهد محمد وعقده ونحن على من وراءنا من قومنا. ووثب بنو بكر فقالوا: ندخل مع قريش في عهدها وعقدها، ونحن على من وراءنا من قومنا ..

(ثم أذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالرحيل، فلما ارتحلوا مطروا ما شاؤوا وهم صائفون (٤) فنزل ونزلوا معه فشربوا من ماء السماء. وقام - صلى الله عليه وسلم - فخطبهم فجاء ثلاثة نفر فجلس اثنان وذهب واحد معرضا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ألا أخبركم خبر الثلاثة قالوا: بلى يا رسول الله قال: أما واحد فاستحيا فاسنحيا الله منه، وأما الآخر فتاب فتاب الله عليه، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه.

عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسير مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسأله فلم يجبه. ثم سأله فلم يجبه، ثم سأله فلم يجبه، فقال: ثكلتك أمك يا عمر! بدرت رسول الله ثلاثا، كل ذلك لا يجيبك! وحرك بعيره حتى تقدم الناس، وخشي أن يكون نزل فيه قرآن فأخذه ما قرب وما بعد لمراجعته بالحديبية، وكراهته القضية. وبينما هو يسير مهموما متقدما على الناس، إذا منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينادي: يا عمر بن الخطاب! فوقع في نفسه ما الله به أعلم ثم أقبل حتى انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسلم. فرد عليه السلام وهو مسرور ثم قال: أنزلت علي سورة هي أحب إلي مما طلعت عليه الشمس. فإذا هو يقرأ: {إنا فتحنا لك فتحا مبينا ..} فأنزل الله في ذلك سورة الفتح فركض الناس وهم يقولون: أنزل على رسول الله! حتى توافوا عنده وهو يقرؤها ويقال: لما نزل بها جبريل قال:


(١) الاسلال: السرقة الخفية والرشوة ويقال هو الغارة الظاهرة بسل السيوف.
(٢) الأغلال: الخيانة.
(٣) العيبة المكفوفة: كناية عن الصلح المعقود على الوفاء.
(٤) صائفون: أقاموا بالمكان صيفا أو مروا به.

<<  <  ج: ص:  >  >>