للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليهم وأثابهم فتحا قريبا ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكميا}.

وإني لأحاول اليوم من وراء ألف وأربعمائة عام أن استثرف تلك اللحظة القدسية التي شهد فيها الوجود كله ذلك التبليغ العلوي الكريم من الله العلي العظيم، إلى رسوله الأمين عن جماعة المؤمنين. أحاول أن أستشرف صفحة الوجود في تلك اللحظة وضميره المكنون وهو يتجاوب جميعه بالقول الإلهي الكريم عن أولئك الرجال القائمين إذ ذاك في بقعة معينة من هذا الوجود وأحاول أن أستشعر شيئا من حال أولئك السعداء الذين يسمعون بذاتهم أنهم هم بأشخاصهم وأعيانهم يقول الله عنهم لقد رضي عنهم ويحدد المكان الذي كانوا فيه والهيئة التي كانوا عليها حين استحقوا هذا الرضا إذ يبايعونك تحت الشجر، يسمعون هذا من نبيهم الصادق المصدوق على لسان ربه العظيم الجليل.

يالله! كيف تلقوا - أولئك السعداء - تلك اللحظة القدسية وذلك التبليغ الإلهي التبليغ الذي يشير إلى كل أحد في ذات نفسه ويقول له: أنت، أنت بذاتك. يبلغك الله لقد رضي عنك وأنت تبايع تحت الشجرة إذ علم ما في نفسك فأنزل السكينة عليك.

إن الواحد منا ليقرأ ويسمع: {الله ولي الذين آمنوا} فيسعد يقول في نفسه: ألست أطمع أن أكون داخلا في هذا العموم؟ ويقرأ ويسمع: {إن الله مع الصابرين} فيطمئن، ويقول في نفسه ألست أرجو أن أكون من هؤلاء الصابرين؟ وأولئك الرجال يسمعون ويبلغون واحدا واحدا أن الله يقصده بعينه وبذاته. لقد رضي عنه إذ علم ما في نفسه ورضي عما في نفسه. يالله! إنه أمر مهول ...).

***

<<  <  ج: ص:  >  >>