للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه سنة إلهية يحدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن أسبابها بصدد قصة لود عليه السلام حين جاءه قومه يهرعون إليه يريدون الفاحشة بضيفه من الملائكة.

وكان لوط عليه السلام قد هاجر إلى الشام. فليس له قبيلة تحميه أو تمنعه إلا ابنتاه. فامرأته كافرة، والمؤمنون أقلة غير قادرين على حمايته {فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين (١)}.

هذا النفر القليل الضعيف الذي لا يستند إلى عشيرة قوية حدا بلوط عليه السلام أن يقول:

{قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد (٢)}.

فقال عليه الصلاة والسلام عن ذلك:

(رحمة الله على لوط لقد كان يأوي إلى ركن شديد - يعني الله عز وجل - فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه (٣).

وهذه السنة الإلهية هي التي حالت بين كفار مدين وشعيب.

{قالوا يا شعيب ما نفقه كثيرا مما تقول وإنا لنراك فينا ضعيفا ولولا رهطك لرجمناك وما أنت علينا بعزيز (٤)}.

وسواء آمنت العشيرة أم لم تؤمن. فإن حمايتها لابنها الداعية خط أصيل في تاريخ الدعوات. فلقد اختلف موقف أبي طالب عن أبي لهب. وتبني أبو طالب حماية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رغم عدم دخوله في الإسلام. بل لا تذكر الروايات أن أحدا أسلم في هذه الدعوة، إلا ما يروى عن إعلان إسلام علي رضي الله عنه في هذا المجلس.

ومن العشيرة الأقرب إلى العشيرة الأكبر. حيث كان الإعلان عاما على جبل الصفا بأعلى مكة. فعم وخص. وحضر الدعوة ممثلو قريش جميعا.

ودعاهم إلى الإسلام والنصرة. فانقلبوا جميعا متخاذلين عنه وخاصة عندما


(١) الآية ٣٦ من سورة الذاريات.
(٢) الآية ٨٠ من سورة هود.
(٣) مختصر تفسير ابن كثير للشيخ محمد علي الصابوني سورة هود، ج ١ ص ٢٢٧.
(٤) سورة هود الآية ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>