للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السياسي الإسلامي، بل إن قريشا عرضة للتفاوض مع بعض قادتها كما وجدنا مع المطعم بن عدي.

٣ - عبقرية المفاوض السياسي: وحين يكون الهدف واضحا والمفاوض مرنا ذكيا تقيا عبقريا. فيمكن أن تزج به الحركة الإسلامية في هذا الخضم لا تخشى بعون الله عليه من أي طارىء. (لقد رمينا أرطبون الروم بأرطبون العرب).

وحين يفقد المفاوض السياسي واحدة من الصفات المذكورة فلا بد أن يحمل الوفد المفاوض هذه الصفات، فالمرونة للقدرة على تقليب وجهات النظر، وعرض الحلول المتنوعة اللامتناهية والذكاء للقدرة على التخلص من أي مأزق يمكن أن يزجه الخصم به.

والتقى لتبقى حركته ضمن الإطار الشرعي الذي حدده له الإسلام، وإطار المصلحة التي حددتها الحركة، والعبقرية لغل سلاح الخصم ودفعه إلى الهدف الذي يريده المفاوض الإسلامي.

ولننظر إلى هذه الفقرة بمنظار آخر: (إن دين الله لن ينصره إلا من حاطه من جميع جوانبه).

لقد كانت هذه الكلمة ردا على المثنى بن حارثة حين عرض على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حماية على مياه العرب دون مياه الفرس، وصاحب النظرة السياسية العجلى يرى أن تفويت هذه الفرصة خطأ سياسي، لكن الذي يسبر أغوار السياسة البعيدة، يرى بعد النظر الإسلامي النبوي الذي لا يسامى.

إن المثنى قد ألمح إلى أن هذا الأمر تكرهه الملوك، وأن موقع الدعوة بجوار فارس تجعلها سهلة المتناول في كل لحظة منها. وأن العهود والمواثيق المقيدة لشيبان تجعلهم أعجز من أن يستطيعوا حماية هذا الرسول وهذا الدين الجديد من بطش كسرى وسلطانه. إن التحالف مع الخصم الأقوى يكون في معظم الأحيان لصالح هذا الخصم. فموقع شيبان إذن غير مناسب ليكون مركزا للدعوة الجديدة، وعهود شيبان من جهة ثانية تشل إمكانية الحركة

<<  <  ج: ص:  >  >>