الروم هامشيا وثانويا أمام انتصار بدر. وكان فرح المؤمنين بنصر الله في بدر هو المدلول الأعمق للآية الكريمة، ولم يكن يدور بخلد عشرات المؤمنين في الأرض والآيات تنزل في مكة أنهم هم المعنون في النصر، وأانهم هم صناع الأحداث. وأن الروم والفرس غدوا على هامش التاريخ بعد أن أنزل الله تعالى ملائكته لنصر المؤمنين في بدر. وكان وعد الله الذي لا يخلف هو نصر محمد وحزبه لا نصر الروم فقط، ولكن أكثر الناس لا يعلمون حتى المؤمنون لا يحيطون بعلم الله عز وجل، وماذا يعد لهم من نصر، وماذا يعد بهم من حسم. {كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون يجادتونك في الحق بعدما تبين كأنما يساقون إلى الموت وهم ينظرون وإذ يعدكم الله إحدى الطائفتين أنها لكم وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم ويريد الله أن يحق الحق بكلماته ويقطع دابر الكافرين ليحق الحق ويبطل الباطل ولو كره المجرمون (١)}.
فالمسلمون حتى قبل بدر بأيام قلائل لم يكونوا يعلمون أنهم المعنون بنصر الله - صلى الله عليه وسلم -نصر من يشاء وعد الله لا يخلف الله وعده، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيد الخلق لم يكن يعلم أنه المقصود بنصر الله - صلى الله عليه وسلم -نصر من يشاء. ومن أجل هذا كان يلح على ربه بالنصر يوم بدر حتى ليسقط رداؤه عن كتفيه. ويخشى أن تكون هذه المعركة نهاية العصبة المؤمنة في الأرض. (اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض). لقد كان الرهان في عالم الأرض على افتتاح التاريخ بهذا النصر من أي الفريقين، فلقد كان أبو جهل يقول: والله لن نرجع حتى نرد بدرا. فننحر الجزر، ونشرب الخمر، وتعزف علينا القيان، ويعلم العرب بخروجنا هذا فلا يزالون يهابوننا أبدا).
فلقد كانت مطامح أبي جهل أن يكون مقود العرب بيده بعد بدر. ولا تزال تهابه أبدا. وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "اللهم إن تهلك هذه العصابة فلن تعبد في الأرض)، وإذا بنصر الله - صلى الله عليه وسلم -تنزل فتنقلب الموازين، ويتأرجح التاريخ، ويصبح مقوده بيد المسلمين ومن ذلك الوقت لم يعودوا على هامش