للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكتمون (١)}. ثم يربط القرآن الكريم بين الفريقين، الذين استمروا فى الجيش لإشاعة البلبلة والهزيمة، والذين انخذلوا إلى المدينة فيقول: {الذين قالوا لإخوانهم وقعدوا لو أطاعونا ما قتلوا قل فادرؤوا عن أنفسكم الموت إن كنتم صادقين (٢)}.

ولا نبالغ إذا قلنا: إن قمة تجمع المنافقين وخطره برز يوم أحد، لكننا نؤكد في الوقت ذاته أنه قد افتضح أمره، وبرز المنافقون بأشخاصهم وأعيانهم يعلن القرآن عنهم أنهم أقرب للكفر منهم إلى الإيمان. وبذلك تمت المفاصلة بينهم وبين المؤمنين، وغدت الجماعة المؤمنة تنظر إليهم بعين الحذر والكراهية إن استمروا على مواقفهم. وأصبح المسلم يكف عن بث أسراره لأخيه من أبيه وأمه إن كان ممن وصم بالنفاق.

وأدت هذه المواقف الحاسمة منهم بعد ذلك إلى أن يخنسوا ويحاولوا التقرب من الصف المؤمن والاعتذار منه، وأن يتراجعوا عن موقف المواجهة والتحدي، ويغيروا خطتهم للعمل في الخفاء. أما الذين كانوا مغررا بهم فقد بدأوا ينضمون للصف الإسلامي في توبة نصوح خالصة حيث فتح لهم القرآن طريق التوبة بعد التحذير العنيف الرهيب بسوء مصيرهم إن استمروا على موقفهم: حيث يقول جل شأنه: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا إلا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله وأخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين وسوف يؤت الله المؤمنين أجرا عظيما (٣)}.

وهكذا سار الخط النبوي في التعامل مع المنافقين على أمل تفتيت تجمعهم، والتحذير من كيدهم. وتحذيرهم من مغبة السير في طريق النفاق من خزي الدنيا وعذاب الآخرة. وحققت هذه الخطة أهدافها بشكل واضح وبدأ خط التصاعد للمنافقين بالانحدار. فلقد كانت سورة النساء وحديثها


(١) آل عمران ١٦٧.
(٢) آل عمران ١٦٨.
(٣) النساء، الآيات. ١٤٥، ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>