للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتزلوا عبادة الأصنام. بل يمكن القول: إن قريشا كانت تهتم بالحنفيين أكثر مما اهتمت بالمسلمين في المرحلة السرية. وذلك لأن الحنفاء كانوا يعلنون شكهم بأصنام قريش وأوثان العرب بينما لم يعلن المسلمون موقفهم تجاهها.

وتذكر بعض الروايات أن أحد التجار كان في زيارة للعباس في بيته فرأى رجلا وامرأة وطفلا يتقدمون فيصلون بصورة تخالف ما كانت تعهده قريش من الصلاة. فسأل التاجر العباسي عنهم فقال له: هذا ابن أخي - ويشير إلى علي، وهذا ابن أخي - ويشير إلى رسول الله - وهذه زوجته. وإن هذا يزعم أن الله - صلى الله عليه وسلم - كلمه من السماء، ووالله ما أعلم على ظهر الأرض أحد على هذا الدين إلا هؤلاء الثلاثة (١).

كما تشير الرواية السابقة التي ذكرناها عن خروج علي رضي الله عنه مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الشعاب للصلاة، أن أبا طالب طلع عليهما ذات يوم فرآهما يصليان. فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: يا ابن أخي ما هذا الدين الذي أراك تدين به؟

قال: أي عم هذا دين الله ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا إبراهيم. بعثتي الله به رسولا للعباد. وأنت أي عم أحق من بذلت له النصيحة ودعوته إلى الهدى، وأحق من أجابني إليه، وأعانني عليه - أو كما قال. فقال أبو طالب:

أي ابن أخي لا أستطيع أن أفارق دين أبائي وما كانوا عليه. ولكن لا يخلص إليك شيء تكرهه ما بقيت.

وذكروا أنه قال لعلي: أي بني ما هذا الذي أنت عليه؟

فزعموا أنه قال له: آمنت برسول الله، وصدقت بما جاء به، وصليت معه لله، واتبعته.

فزعموا أنه قال له: أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه (٢).


(١) رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه والطبراني بأسانيد، ورجال أحمد ثقات وراجع الحديث ١٦.
(٢) السيرة النبوية لابن هشام ص ٢٦٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>