للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رجل من قيس جعل له عشرة دنانير أو خمسة أوسق من تمر على قتله، وسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بذلك.

وهذه فسحة واسعة للدعاة المقاتلين كي يصلوا إلى أعدائهم عن أي طريق، فقد لا تهيء الظروف للمسلمين الوصول إلى أعدائهم نتيجة الحراسة عليهم وتحصنهم في حصونهم، فبالمال أو إغراء أفراد من قلب التنظيم الكافر يمكن القضاء على أولئك الأعداء والحرب خدعة. فلا حرج من سلوك أية طريق تؤدي إلى الهدف مع هذا العدو الذي ناصبته العداء، وآذنته بالحرب، وأعلنت موقف المواجهة ضده، ومن خلال صفوفه الداخلية، ومن خلال الرغبة في المال يمكن تحقيق هذه الأهداف البعيدة في القضاء عليه. ولا أحد أدرى بمواطن الضعف والخلل في العدو من أبناء صف العدو نفسه، وإسلام يامين رضي الله عنه دفعه للثأر لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولما يمر على إسلامه اليوم واليومان، ومن ابن عمه وأقرب الناس إليه.

(وأقام على حصار يهود خمسة عشر يوما حتى أجلاهم وولى (خراجهم محمد بن مسلمة، وكانوا في حصارهم يخربون بيوتهم بأيديهم مما يليهم، والمسلمون يخربون ما يليهم ويحرقون حتى وقع الصلح، فجعلوا يحملون الخشب، ويحملون النساء والذرية، وشقوا سوق المدينة، والنساء في الهوائج عليهن الحرير والديباج وحلي الذهب والمعصفرات، وهن يضربن الدفوف ويزمرن بالمزامير تجلدا، وقد صف لهم الناس وهم يمرون، فكانوا على ستمائة بعير. فنزل أكثرهم بخيبر فدانت لهم، وذهبت طائفة منهم إلى الشام، فكان ممن صار منهم إلى خيبر أكابرهم كحيي بن أخطب وسلام ابن أبي الحقيق، وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق، وحزن المنافقون لخروجهم أشد حزن (١)).

إنها أمة من أمم اليهود تهزم ويبلغ غيظها أن تهدم بيوتها بأيديها، وترغم على الصلح بترك سلاحها كله غنيمة للمسلمين، وتمضي في محنتها مشردة في الأرض جزاء نكالا لنقضها العهد، وطعنها بالمواثيق، تحمل حليها


(١) إمتاع الأسماع للمقريزي ج ١/ ١٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>