الشعرية الإعلامية التي اشتعلت بين المسلمين والمشركين بعد أحد تناقلتها المحافل في كل مكان من الأرض العربية. وحققت الغاية التي كان يحلم بها أبو جهل في بدر أن يرد بدرا ويهزم محمدا، ويقيم عليها عشرة أيام تعزف عليه القيان ويشرب الخمر، وينحر الجزر حتى تسمع العرب بمسيره فلا تزال تهابه أبدا، وهذا الذي جرى اليوم. فانقلبت الكفة لصالح قريش، وبدأ العرب يهمون بغزو المدينة.
يقول المباركفوري حول هذه المرحلة: كان لمأساة أحد أثر سيء على سمعة المؤمنين، فقد ذهبت ريحهم، وزالت هيبتهم عن النفوس وزادت المتاعب الداخلية والخارجية على المؤمنين، وأحاطت الأخطار بالمدينة من كل جانب، وكاشف اليهود والمنافقون والأعراب بالعداء السافر، وهمت كل طائفة منهم أن تنال من المؤمنين، بل طمعت في أن تقضي عليهم، وتستأصل شأفتهم. فريح المسلمين التي كانت قد ذهبت في معركة أحد تركت المسلمين - إلى حين - يهددون بالأخطار، ولكن تلك هي حكمة محمد - صلى الله عليه وسلم - التي صرفت وجوه التيارات، وأعادت للمسلمين هيبتهم المفقودة، وأكسبت لهم العلو والمجد من جديد، وأول ما أقدم عليه بهذا الصدد هي حركة المطاردة التي قام بها إلى حمراء الأسد، فقد حفظ بها مقدارا كبيرا من سمعة جيشه، واستعاد بها من هيبتهم ومكانتهم ما ألقى اليهود والمنافقين في الدهش والذهول، ثم قام بمناورات أعادت للمسلمين هيبتهم بل زادت فيها، وفي الصفحة الآتية شيء من تفاصيلها.
ب - سرية أبي سلمة:
أول من قام ضد المسلمين بعد نكسة أحد هم بنو أسد بن خزيمة، فقد نقلت استخبارات المدينة أن طلحة وسلمة ابني خويلد قد سارا في قومهما ومن أطاعهما يدعون بني أسد بن خزيمة إلى حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فسارع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى بعث سرية قوامها مائة وخمسون رجلا مقاتلا من المهاجرين والأنصار، وأمر عليهم أبا سلمة وعقد له لواء، وباغت أبو سلمة بني أسد بن خزيمة في ديارهم قبل أن يقوموا بغارتهم، فتشتتوا في الأمر، وأصاب