للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطر والنعاس: وكانت ليلة الجمعة السابع عشر من رمضان، وبعث الله السماء فأصاب المسلمين ما لبد الأرض ولم يمنع من السير، وأصاب قريشا من ذلك ما لم يقدروا على أن يرتحلوا منه، وإنما بينهم قوز من رمل، وكان مجيء المطر نعمة وقوة للمؤمنين، وبلاء ونقمة على المشركين. وأصاب المسلمين تلك الليلة نعاس ألقي عليهم فناموا حتى أن أحدهم تكون ذقنه بين ثدييه وما يشعر حتى يقع على جنبه، واحتلم رفاعة بن رافع بن مالك حتى اغتسل آخر الليل. وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمار بن ياسر، وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما فأطافا بالقوم، ثم رجعا فأخبراه أن القوم مذعورون، وأن السماح تسح عليهم (١)). {إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام (٢)}.

الملائكة تقاتل وتثبت: (.. وزادهم نشاطا وحدة أن رأوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يثب في الدرع ويقول في حزم وصراحة (سيهزم الجمع ويولون الدبر) فقاتل المسلمون أشد القتال، ونصرتهم الملائكة، ففي رواية ابن سعد عن عكرمة قال: كان يومئذ يندر رأس الرجل لا يدري من ضربه، وتندر يد الرجل لا يدري من ضربها، وقال ابن عباس: بينما رجل من المسلمين يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه، وصوت الفارس يقول: أقدم حيزوم، فنظر إلى المشرك أمامه، فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة. قال أبو داود المازني: إني لأتبع رجلا من المشركين لأضربه إذ وقع رأسه قبل أن يصل إليه سيفي فعرفت أنه قد قتله غيري، وجاء رجل من الأنصار بالعباس بن عبد المطلب، أسيرا فقال العباس: إن هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح من أحسن الناس وجها على فرس أبلق وما أراه في القوم. فقال الأنصاري: أنا أسرته يا رسول الله، فقال: اسكت فقد أيدك الله بملك كريم (٣)}.


(١) إمتاع الأسماع ١/ ٧٨.
(٢) سورة الأنفال، الآية ١١.
(٣) الرحيق المختوم للمباركفوري ٢٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>