للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرجل في بلدكم، فأرسلوا إلى قريش وغطفان: إنا والله لا نقاتل معكم محمدا حتى تعطونا رهنا، فأبوا عليهم وخذل الله بينهم (١).

الريح التي بعثها الله على الأحزاب والجنود التي لم يرها المؤمنون: وبعث الله عليهم الريح في ليالي شاتية باردة شديدة البرد، فجعلت تكفأ قدورهم، وتطرح أبنيتهم. فلما انتهى إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما اختلف من أمرهم، وما فرق الله من جماعتهم دعا حذيفة بن اليمان، فبعثه إليهم، لينظر ما فعل القوم ليلا.

قال ابن إسحاق: فحدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي قال:

قال رجل من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان: يا أبا عبد الله، أرأيتم رسول الله وصحبتموه؟ قال: نعم، قال: فكيف كنتم تصنعون؟ قال: والله لقد كنا نجهد؟ قال: والله لو أدركناه ما تركناه يمشي على الأرض، ولحملناه على أعناقنا. قال: فقال حذيفة: يا ابن أخى، والله لقد رأيتنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخندق، وصلى رسول - صلى الله عليه وسلم - هويا من الليل ثم التفت إلينا فقال: من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع - يشرط له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجعة - أسأل الله تعالى أن يكون رفيقي في الجنة؟ فما قام رجل من القوم، من شدة الخوف، وشدة الجوع، وشدة البرد، فلما لم يقم أحد، دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلم يكن لي بد من القيام حين دعاني؟ فقال: يا حذيفة، إذهب فادخل في القوم، فانظر ماذا يصنعون، ولا تحدثن شيئا حتى تأتينا. قال: فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل بهم ما تفعل، لا تقر لهم قدرا ولا نارا ولا بناء. فقام أبو سفيان، فقال: يا معشر قريش، لينظر امرؤ من جليسه؟ قال حذيفة: فأخذت بيد الرجل الذي كان إلى جنبي، فقلت: من أنت؟ قال: فلان بن فلان.


(١) السيرة لابن هشام ٢٤٠ - ٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>