للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والنقطة الأخيرة في هذا المجال وهي التي نتوجه بها لقيادة الحركة الإسلامية أن تستوعبها بعد درس القاعدة هي أهمية الجندي المسلم عند قيادته.

لقد قرر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشن حربا على قريش مع من بايعوه على الموت ثأرا لجندي واحد من جنوده هو عثمان بن عفان عندما أشيع أنه قتل.

والجندي الذي يرى هذا الاهتمام من قيادته به، وهذه الكرامة والخطوة له عندها، لا ضير أن يفتدي هذه القيادة بروحه ودمه ووجوده وأعز ما لديه في هذا الوجود. ولا ضير إذن أن تغير القيادة موقفا مصيريا ثأرا لجندي من جنودها بعد أن علمها هذا الدرس رسول الله عليه الصلاة والسلام.

سابعا: ونحن نعرض للصف الداخلي القوي لا بد أن نعرض للصلح نفسه كما تعرضه كتب السير.

(فلما اصطلحوا ولم يبق إلا الكتاب، وثب عمر رضي الله عنه. فقال: يا رسول الله: ألسنا بالمسلمين؟ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: بلى. فقال: فعلام نعطي الدنية في ديننا؟ فقال رسول الله: أنا غبد الله ورسوله، ولن أخالف أمره، ولن يضيعني. فذهب عمر إلى أبي بكر رضي الله عنه فقال: يا أبا بكر ألسنا بالمسلمين؟ قال: بلى! فال: فلم نعطي الدنية في ديننا؟ فقال: الزم غرزه فإني أشهد أنه رسول الله. وأن الحق ما أمر به، ولن يخالف أمر الله ولن يضيعه الله. ولقي عمر من القضية أمرا كبيرا، وجعل يردد على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الكلام وهو يقول: أنا رسول الله ولن يضيعني، ويردد ذلك فقال أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه: ألا تسمع يا ابن الخطاب رسول الله يقول ما يقول! تعوذ بالله من الشيطان واتهم رأيك! فجعل يتعوذ بالله من الشيطان الرجيم حينا وكان المسلمون يكرهون الصلح، لأنهم خرجوا ولا يشكون في الفتح لرؤيا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه حلق رأسه وأنه دخل البيت فأخذ مفتاح الكعبة وعرف مع المعرفين، فلما رأوا الصلح داخلهم في ذلك أمر عظيم حتى كادوا يهلكون ..

(وبينا الناس قد اصطلحوا والكتاب لم يكتب. أقبل أبو جندل بن سهيل .. وقد أفلت يرسف في القيد متوشح السيف .. ففرح المسلمون به وتلقوه حين هبط من الجبل فسلموا عليه وآووه فرفع سهيل رأسه فإذا بابنه أبي جندل، فقام إليه فضرب وجهه بغصن شوك وأخذ بتلابيبه فصاح أبو جندل بأعلى صوته: يا معشر المسلمين أأرد إلى المشركين يفتنوني في ديني؟ فزاد المسلمين ذلك شرا إلى ما بهم وجعلوا يبكون لكلام أبي جندل. فقال حويطب بن عبد العزى لمكرز بن حفص: ما رأيت قوما قط أشد حبا لمن دخل معهم من أصحاب محمد لمحمد وبعضهم لبعض! أما إني أقول لك لا نأخذ من محمد نصفا بعد هذا اليوم حتى يدخلها عنوة! فقال مكرز: وأنا أرى

<<  <  ج: ص:  >  >>