للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي ذلك الوقت كانت قد قامت ثورة كبيرة ضد كسرى من داخل بيته بعد أن لاقت جتوده هزيمة منكرة أمام جنود قيصر، فقد قام شيرويه بن كسرى على أبيه فقتله وأخذ الملك لنفسه، وكان ذلك في ليلة الثلاثاء لعشر مضين من جمادى الأولى سنة سبع وعلم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من الوحي. فلما غدا عليه أخبرهما بذلك. فقالا: هل تدري ما تقول؟ إنا قد نقمنا عليك ما هو أيسر أفنكتب هذا عنك. ونخبره الملك. قال: نعم اخبراه ذلك عني، وقولا له: إن ديني وسلطاني سيبلغ ما بلغ كسرى وينتهي إلى منتهى الخف والحافر، وقولا له: إن أسلمت أعطيتك ما تحت يدك، وملكتك على قومك من الأبناء فخرجا من عنده حتى قدما على باذان فأخبراه الخبر.

وبعد قليل جاء كتاب بقتل شيرويه لأبيه وقال له شيرويه في كتابه: انطر الرجل الذي كان كتب فيه أبي إليك فلا تهجه حتى يأتيك أمري.

وكان ذلك سببا في إسلام باذان ومن معه من أهل فارس باليمن.

٤ - الكتاب إلى قيصر ملك الروم:

وروى البخاري ضمن حديث طويل نص الكتاب الذي كتبه النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ملك الروم هرقل وهو هذا:

(بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد عبد الله ورسوله إلى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى، أسلم تسلم، أسلم يؤتك الله أجرك مرتين. فإن توليت فإنما عليك اثم الأريسيين (يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون).

واختار لحمل الكتاب دحية بن خليفة الكلبي، وأمره أن يدفعه إلى عظيم بصرى ليدفعه إلى قيصر، وقد روى البخاري عن ابن عباس أن أبا سفيان بن حرب أخبره أن هرقل أرسل إليه في ركب من قريش، وكانوا تجارا بالشام، في المدة التي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ماد فيها أبا سفيان وكفار قريش. فأتوه وهم بإيلياء. فدعاهم في مجلسه وحوله عظماء الروم ثم دعاهم ودعا ترجمانه فقال: أيكم أقرب نسبا لهذا الرجل الذي يزعم أنه نبي؟ قال أبو سفان فقلت أنا أقربهم نسبا، فقال، أدنوه مني، وقربوا أصحابه فاجعلوهم عند ظهره، ثم قال لترجمانه: إني سائل هذا عن هذا الرجل، فإن كذبني فكذبوه فوالله لولا الحياء من أن يأثروا على كذبا لكذبت عنه.

ثم قال: أول ما سألني عنه أنه قال: كيف نسبه فيكم؟ فقلت: هو فينا دو نسب. قال: فهل قال هذا القول منكم أحد قط قبله؟ قلت: لا. قال: فهل كان من آبائه من ملك؟ قلت: لا. قال: فأشراف الناس اتبعوه أم ضعفاؤهم؟ قلت: بل صعفاؤهم. قال: أيزيدون أم ينقصون؟ قلت: بل يزيدون. قال: فهل يرتد أحد منهم سخطة لدينه بعد أن يدخل فيه. قلت

<<  <  ج: ص:  >  >>