أمر لا يعرفه تاريخ الأمم والحروب في الدنيا إلا لدى الصف المسلم.
ومخالفة ثالثة أن يوجد بين الألف والأربعمائة إنسان، رجل لم يملك نفسه أمام خوابي الخمر وهي تكسر؛ فشرب الخمر في لحظة ضعف، وكانت العقوبة الصارمة أن خفقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنعليه، وخفقه المسلمون بنعالهم، فتلقى العقوبة بصدر رحب، ولم يمض ليبيت ليلا اغتيال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبه لهذه الإهانة بل أنهى العقوبة وراح يمزح ويضحك مع المسلمين، بل رفض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعنه، وقال عنه، وهو يتلقى عقوبة المعصية: إنه يحب الله ورسوله.
فليست مهمة العقوبة أن تسلخ الجندي من الصف، وتحوله إلى حاقد موتور. بل مهمتها تطهيره من الذنب ليغدو أهلا للجندية في هذا الصف المسلم، واللعن يرفض، لأنه عقوبة فوق العقوبة. بل الثناء عليه ليبقى بقلبه الحي المؤمن لاصقا بالصف ملتحما فيه.
وما أحرج صفنا وجنودنا إلى هذه المستويات حيث يتقبل الأخ المسلم العقوبة بصدر رحب. وحيث يفقه إخوانه فلسفة العقوبة لا لطرده وتحطيم نفسيته، بل لتطهيره وضمه جنديا في الصف بريئا من الذنب.
هذا هو الصف المسلم الذي انتصر بخيبر على اليهود. ويكفي هذا الوصف. لنتعرف على الصف العربي الذي لا يزال يحارب اليهود ثلث قرن ويتلقى الهزائم المكررة:
نذكر ذلك الصف في خيبر. حيث يخفق شارب الخمر بالنعال. والصف العربي الذي قال عنه مدير مخابرات العدو، سوف أهزم العرب بما يحرمه عليهم دين محمد، بالخمر والنساء.
وفعلا هزم الصف بالمعصية، إذ كان الطيارون ليلة الخامس من حزيران في عربدة مع الخمر والنساء وعلى رأسهم العقداء والألوية والفريق الأول قائد سلاح الطيران وذلك حتى الفجر.
وبهذه المقارنات ندرك من ذلك الجيش، ومن هذا الجيش، وفيه الغنى عن أي تعليق.
٣ - وبقيت مخالفة أرجأتها للمقارنة مع صورة مقابلة. نلحظ من تلك المقارنة كيف يكون الحكم على الأشخاص لأن صف الحركة الإسلامية يستهجن وجود نوعيات انتهازية فيه:
(قال ابن إسحاق: فحدثني ثور بن زيد بن سالم عن أبي هريرة قال: فلما انصرفنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن خيبر إلى وادي القرى ونزلنا بها أصيلا مع مغرب الشمس، ومع رسول الله الله - صلى الله عليه وسلم - غلام له، أهداه له رفاعة بن زيد، فوالله إنه ليضع رحل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ أتاه سهم غرب (١) فأصابه فقتله. فقلنا هنيئا له الجنة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلا والذي نفس محمد بيده إن