للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سعد بن أبي وقاص يومئذ رجلا من المشركين بلحي بعير فشجه. فكان أول دم هريق في الإسلام) (١).

وكذلك قصة عثمان بن مظعون يوم عاد من الحبشة، ودخل في جوار الوليد بن المغيرة، ثم ترك جواره إلى جوار الله، ورد على الشاعر لبيد مقالته. فثار الناس إليه وضربهم وضربوه حتى اخضرت عينه من الضرب (٢).

ولعلي أؤكد معنى في ذلك هو ما ورد في قصة إسلام عمر بن الخطاب من أنه مكث يقاتلهم ويقاتلونه حتى قامت الشمس على رؤوسهم (٣).

لكن هذا الأمر لم يكن على إطلاقه. فلم يكن يقدر على هذا الأمر إلا من كان ذا شكيمة قوية ومنعة من قومه. أما الضعفاء فلم يتمكنوا من هذا الموقف.

ونفقه من هذه السمة أن رجال الحركة الإسلامية ليسوا على مستوى واحد في المواجهة، فيمكن أن يكون فيهم الممتنع بقوته أو عشيرته أو مركزه.

ويمكن لأمثال هؤلاء أن يتحملوا المواجهة ويواجهوا الاعتداء بالمثل. كما أكد القرآن الكريم في وصفهم في معرض الئناء عليهم:

{والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون (٤)}.

ولرد الاعتداء دور إيجابي في رفع معنويات العامة، الذين يقدرون القوة ويعجبون بها بل في ذلك تشجيع لهم للانضمام إلى صف الدعوة تأثرا بمثل هذه المواقف.

فجواب عثمان بن مظعون للوليد بن المغيرة يدل على مدى الثقة النفسية العميقة لديه:

(إنني في جوار من هو أعز منك وأقدر يا أبا عبد شمس، وإن عيني


(١) تهذيب السيرة لابن هشام ص ٥٧.
(٢) ذكر ابن هشام الحادثة في السيرة ج ٢ ص ٩ و ١٠.
(٣) امباركفوري في الرحيق المختوم ص ١٢٠ عن ابن الجوزي ص ٨.
(٤) سورة الشورى الآية ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>