ابن الوليد ناوشوهم شيئا من قتال، فقتل كرز بن جابر، أحد بني محارب ... وخنيس بن خالد حليف بني منقذ وأصيب من جهينة سلمة بن الميلاء، وأصيب من المشركين ناس قريب من اثنى عشر رجلا، أو ثلاثة عشر رجلا، ثم انهزموا فخرج حماس منهزما حتى دخل بيته، ثم قال لامرأته: أغلقي علي بابي قالت: فأين ما كنت تقول؟ فقال:
إنك لو شهدت يوم الخندمة ... إذ فر صفوان وفر عكرمة
وأبو يزيد قائم كالموتمة ... واستقبلتهم بالسيوف المسلمة
يقطعن كل ساعد وجمجمة ... ضربا فلا يسمع إلا غمغمة
لهم نهيت خلفنا وهمهمة ... لم تنطقي باللوم أدنى كلمة
وكان شعار أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم فتح مكة وحنين والطائف شعار المهاجرين يا بني عبد الرحمن، وشعار الخزرج: يا بني عبد الله وشعار الأوس: يا بني عبيد الله.
عهد رسول الله إلى أمرائه وأمره بقتل نفر ممن سماهم: وإن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد عهد إلى أمرائه من المسلمين، حين أمرهم أن يدخلوا مكة، أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم، إلا أنه قد عهد إلى نفر سماهم أمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة منهم عبد الله بن سعد ... وإنما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله لأنه قد كان أسلم وكان يكتب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - الوحي. فارتد مشركا راجعا إلى قريش. ففر إلى عثمان بن عفان وكان أخاه للرضاعة فغيبه حتى أتى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أن اطمأن الناس وأهل مكة فاستأمن له فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صمت طويلا ثم قال نعم. فلما انصرف عنه عثمان قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لمن حوله من أصحابه لقد صمت ليقوم إليه بعضكم فيضرب عنقه. فقال رجل من الأنصار: فهلا أومأت إلي يا رسول الله؟ قال: إن النبي لا يقتل بالإشارة. وعبد الله بن خطل رجل من تيم إنما أمر بقتله أنه كان مسلما. فبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مضدقا وبعث معه رجل من الأنصار وكان معه مولى له يخدمه. وكان مسلما فنزل منزلا، وأمر المولى أن يذبح له تيسا فيصنع له طعاما. فنام واستيقظ ولم يصنع له شيئا، فعدا عليه فقتله، ثم ارتد مشركا وكانت له قينتان: وكانتا تغنيان بهجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمر رسول الله بقتلهما معه. والحويرث بن نقيذ. وكان ممن يؤذيه بمكة. (قال ابن هشام: وكان العباس بن عبد المطلب قد حمل فاطمة وأم كلثوم ابنتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من مكة يريد بهما المدينة؛ فنخس بهما الحويرث فرمى بهما إلى الأرض) ومقيس بن حبابة. وإنما أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله، لقتل الأنصاري الذي كان قتل أخاه خطأ ورجوعه إلى قريش مشركا وسارة مولاة بني عبد المطلب، وعكرمة بن أبي جهل وكانت سارة ممن يؤذيه بمكة. فأما عكرمه فهرب إلى اليمن، وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام. فاستأمنت له من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمنه. فخرجت في طلبه إلى اليمن حتى أتت به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأسلم، وأما عبد الله بن خطل فقتله سعيد بن حريث وأبو برزة الأسلمي،