فذكر لي أن الناس قالوا: اللهم نعم: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: اللهم اشهد.
قال ابن إسحاق وحدثني عبد الله بن نجيح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين وقف بعرفة قال: هذا الموقف للجبل الذي هو عليه وكل عرفة موقف. وقال حين وقف على قزح صبيحة المزدلفة هذا الموقف وكل المزدلفة موقف ثم لما نحر بالمنحر بمنى قال: هذا المنحر، وكل منى منحر، فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الحج وقد أراهم مناسكهم وأعلمهم ما فرض الله عليهم من حجهم من الموقف ورمي الجمار وطواف البيت وما أحل لهم من حجهم وما حرم عليهم فكانت حجة البلاغ، وحجة الوداع وذلك أن رسول الله لم يحح بعدها.
ارتبط مع حجة الوداع نزول قول الله عز وجل:{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمني ورضيت لكم الإسلام دينا فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم}.
وفي صدد الحديث عن المنهج الحركي نقف على عتبة النهاية لهذه الخطوات التي ابتدأت بقول الله عز وجل:{اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الإنسان ما لم يعلم}.
ابتدأ الإسلام بشخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مكة في جبل غار حراء وهو شاخص ببصره بين الأرض والسماء وجبريل يقول له أنت رسول الله وأنا جبريل وها هي تنتهي بجوار غار حراء، وعند الصخرات من جبل عرفه، وحوله مائة وثلاثون ألفا من المسلمين يمثلون جزيرة العرب قاطبة، ومن هذا الموقع وفي هذا الموقف يعلن عليه الصلاة والسلام، إتمام المهمة، وتبليغ الرسالة وإكمال الدين على لسان نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم -.
{اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، لقد ابتدأت القاعدة الصلبة قبل ثلاث وعشرين عاما بشخص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وانتهت بهذه المجموعات الضخمة التي تمثل الأرض العربية آنذاك.
وأمام هذا الحشد الضخم من الأمة، كان الخط الأول خذوا عني مناسككم وبذلك تتجه الأمة لترى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على راحلته يؤدي المناسك فيقتدي الناس جميعا به، ويرونه وهو على الراحلة بحيث يتم بهذه العملية إلغاء كل المناسك الوثنية التي كانت موجودة في أرض الحرم والحج هو أعظم تجمع بشري في ذلك الوقت فلا بد من إيضاح المعالم الكبرى للدعوة، والتي يتم عليها التقاء البشر جميعا لما لها من أهمية خالصة وحيث تقف الناس جميعا بعرفه. أعلن المبادىء الكبرى على الناس جميعا وهي: