والسمة الثانية في منهج هذا الدين: هي الواقعية الحركية .. فهو حركة ذات مراحل، كل مرحلة لها وسائل مكافئة لمقتضياتها وحاجاتها الواقعية، وكل مرحلة تسلم إلى المرحلة التي تليها فهو لا يقابل الواقع بنظريات مجردة. كما أنه لا يقابل مراحل هذا الواقع بوسائل متجمدة .. والذين يسوقون النصوص المختلفة بكل مرحلة منها .. الذين يصنعون هذا يخلطون خلطا شديدا، ويلبسون منهج هذا الدين لبسا مضللا، ويحملون النصوص ما لا تحتمله من المبادىء والقواعد النهائية. ذلك أنهم يعتبرون كل نص منها كما لو كان نصا نهائيا. يمثل القواعد النهائية في هذا الدين، ويقولون - وهم مهزومون روحيا وعقليا تحث ضغط الواقع اليائس لذراري المسلمين الذين لم يبق لهم من الإسلام إلا العنوان - إن الإسلام لا يجاهد إلا للدفاع أو يحسبون أنهم يسدون إلى هذا الدين جميلا بتخليه عن منهجه، وهو إزالة الطواغيت كلها من الأرض جميعا، وتعبيد الناس لله وحده، وإخراجهم من العبودية للعباد إلى العبودية لرب العباد! لا بقهرهم على اعتناق عقيدته، ولكن بالتخلية بينهم وبين هذه العقيدة، بعد تحطيم الأنظمة السياسية الحاكمة، أو قهرها حتى تدفع الجزية، وتعلن استسلامها والتخلية بين جماهيرها وهذه العقيدة، تعتنقها أو لا تعتنقها بكامل حريتها). العالم ص ٥٨.
وقفت أمام هذه الفترة كثيرا وأنا أقرأ الكتاب أو أشرحه. وتساءلت في نفسي عن هذه الواقعية الحركية: ما هي مراحلها؟ وما هي الوسائل المناسبة لكل مرحلة؟
وما أحوجنا إلى كتاب يوضح هذه المراحل، وهذه الوسائل. فيضع نقاطا علامة للدعاة إلى الله، يتعرفون فيها على خطوات السير، كما فعل الشهيد في معالمه.
موضوع مثير حقا، وعدم فهم هذه المراحل والتعرف عليها، وفهم الوسائل المناسبة يجعل الخلاف عميقا بين الدعاة المسلمين وأبناء الحركة الإسلامية.