للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النضر بن الحارث إلى الحيرة، وتعلم بها أحاديث ملوك الفرس، وأحاديث رستم، واسفنديار. فكان إذا جلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلسا للتذكير بالله، والتحذير من نقمته خلفه النضر، يقول: والله ما محمد بأحسن حديثا مني، ثم يحدثهم عن ملوك فارس ورستم واسفنديار، ثم يقول: بماذا محمد أحسن حديثا مني.

٤ - مساومات حاولوا بها أن يلتقي الإسلام والجاهلية في منتصف الطريق بأن يترك المشركون بعض ما هم عليه، ويترك النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض ما هو عليه {ودوا لو تدهن فيدهنون} (١) و {قل يا أيها الكافرون ... (٢)} (٣) وهذه النماذج نذكرها لأنها تتكرر مع الدعوة في كل جيل، والحركة الإسلامية بحاجة إلى التعرف على هذه المحاولات حتى لا يفت في عضد الدعاة وهم ينالون أنواع الحرب النفسية من الاستهزاء والتبكيت والسخرية، يتهمونهم في عقولهم أنهم رجعيون جامدون، ومتعصبون متخلفون، وأنهم ينتمون إلى عصر الجمل وعصر الخيام والصحراء، بل يتهمونهم بالتخلف العقلي، فلهؤلاء الدعاة أسوة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي اتهمه قومه بالجنون، وهو سيد ولد آدم. {ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون (٤)}. ويتهمونه بالكذب، وهو الذي لم تعرف البشرية له مثيلا في الصدق، وبشهادتهم هم: ما جربنا عليك كذبا. ووسائل الإعلام الجاهلية اليوم تتهم دعاة الإسلام بأنهم متآمرون وبأنهم لا أخلاقيون وبأنهم كاذبون.

والنوع الآخر الذي يتلقاه الدعاة من أعدائهم مر تشويه المبادىء، وتقديمه بأسوأ صورة للناس، خاصة ووسائل الإعلام اليوم في كل يوم تقدم سموما حول هذا الدين. وفي أحسن الأحوال يقدمون الإسلام على أنه صالح في مرحلة سابقة من التاريخ، وأنه قدر الأمة العربية فيما مضى، أما اليوم فالعصر عصر القوميات، وعصر الاشتراكية العلمية، وعصر التقدمية


(١) القلم / ٩.
(٢) سورة الكافرون.
(٣) الرحيق المختوم للمباركفوري باختصار ٩٤ - ٩٦.
(٤) القلم / ١ - ٣

<<  <  ج: ص:  >  >>