للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

روى ابن إسحاق كذلك: (يا معشر قريش إن محمدا قد أبى إلا ما ترون من عيب ديننا وشتم آبائنا، وتسفيه أحلامنا وشتم آلهتنا، وإني أعاهد الله لأجلس له بحجر ما أطيق حمله، فإذا سجد في صلاته به رأسه، فأسلموني عند ذلك أو امنعوني. فليصنع بعد ذلك بنو عبد مناف ما بدا لهم (١) ..

وفشلت المحاولة في اليوم الثاني عندما رجع مكفهر الوجه، وقد يبست يداه على الحجر قائلا: قمت إليه لأفعل به ما قلت لكم البارحة، فلما دنوت منه عرض لي دونه فحل من الإبل، لا والله ما رأيت مثل هامته، ولا مثل قصرته ولا أنيابه لفحل قط، فهم بي أن يأكلني (٢) ..

وكانت المحاولة الثالثة، محاولة طغاة قريش في قتله، ففي رواية البخاري عن عروة بن الزبير قال: سألت ابن عمرو بن العاص أخبرني بأشد شيء صنعه المشركون بالنبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: بينا النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي في حجر الكعبة إذ أقبل عقبة بن أبي معيط، فوضع ثوبه في عنقه فخنقه خنقا شديدا، فأقبل أبو بكر حتى أخذ بمنكبيه، ودفعه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقال: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله (٢)؟

وفي حديث أسماء: فأتى الصريخ إلى أبي بكر فقال: أدرك صاحبك، فخرج من عندنا، وعليه غدائر أربع، فخرج وهو يقول: أتقتلون رجلا أن يقول ربي الله؟ فلهوا عنه وأقبلوا على أبي بكر، فرجع إلينا لا نمس شيئا من غدائره إلا رجع معنا (٣). وكانت المحاولة الرابعة محاولة عمر بن الخطاب رضي الله عنه والتي انتهت بإسلامه.

وهذه السمة في غنى عن التعليق، إذ يجب أن لا يغيب أبدا عن أذهان الحركة الإسلامية تخطيط العدو الماكر لإبادة القيادة واغتيالها. وما شهده جيلنا المعاصر من اغتيال وإبادة قادة الحركات الإسلامية يعطينا صورة واضحة


(١) تهذيب السيرة لابن هشام ٦٨ - ٦٩.
(٢) صحيح البخاري ١ - ٥٤٤ باب ما لقي رسول الله وأصحابه من المشركين بمكة.
(٣) مختصر السيرة. ص ٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>