للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الصِّيَانَةَ، وَإِنْ كَانَ فَرَاغُ الذِّمَّةِ مِنْ ضَرُورَاتِهِ كَمَا فِي الْحَوَالَةِ

فَالْحَاصِلُ أَنَّ عِنْدَنَا حُكْمَ الرَّهْنِ صَيْرُورَةُ الرَّهْنِ مُحْتَبِسًا بِدَيْنِهِ بِإِثْبَاتِ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ عَلَيْهِ وَعِنْدَهُ تَعَلُّقُ الدَّيْنِ بِالْعَيْنِ اسْتِيفَاءً مِنْهُ عَيْنًا بِالْبَيْعِ، فَيُخَرَّجُ عَلَى هَذَيْنِ الْأَصْلَيْنِ عِدَّةٌ مِنْ الْمَسَائِلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُ عَدَدْنَاهَا فِي كِفَايَةِ الْمُنْتَهَى جُمْلَةً: مِنْهَا أَنَّ الرَّاهِنَ مَمْنُوعٌ عَنْ الِاسْتِرْدَادِ لِلِانْتِفَاعِ؛ لِأَنَّهُ يَفُوتُ مُوجَبُهُ وَهُوَ الِاحْتِبَاسُ عَلَى الدَّوَامِ، وَعِنْدَهُ لَا يَمْنَعُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي مُوجِبَهُ وَهُوَ تَعَيُّنُهُ لِلْبَيْعِ وَسَيَأْتِيك الْبَوَاقِي فِي أَثْنَاءِ الْمَسَائِلِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

قَالَ (وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا بِدَيْنٍ مَضْمُونٍ)؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ ثُبُوتُ يَدِ الِاسْتِيفَاءِ، وَالِاسْتِيفَاءُ يَتْلُو الْوُجُوبَ

قَالَ : وَيَدْخُلُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِأَنْفُسِهَا، فَإِنَّهُ يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا وَلَا دَيْنَ

وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ: إنَّ الْوَاجِبَ الْأَصْلِيَّ فِيهَا هُوَ الْقِيمَةُ وَرَدُّ

(قَوْلُهُ وَيَدْخُلُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ الرَّهْنُ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِأَنْفُسِهَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ الرَّهْنُ بِهَا وَلَا دَيْنَ) يَعْنِي: يَرِدُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ: أَيْ عَلَى لَفْظِ الْقُدُورِيِّ وَهُوَ قَوْلُهُ وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا بِدَيْنٍ مَضْمُونِ الرَّهْنِ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِأَنْفُسِهَا: أَيْ الْإِشْكَالُ بِصِحَّةِ الرَّهْنِ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِأَنْفُسِهَا، وَهِيَ مَا يَجِبُ مِثْلُهُ عِنْدَ هَلَاكِهِ إنْ كَانَ مِثْلِيًّا، وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ قِيَمِيًّا، كَالْمَغْصُوبِ وَالْمَقْبُوضِ عَلَى سَوْمِ الشِّرَاءِ وَنَحْوِهِمَا فَإِنَّهُ يَصِحُّ الرَّهْنُ بِتِلْكَ الْأَعْيَانِ وَلَا دَيْنَ فِيهَا

وَأَجَابَ الْمُصَنِّفُ عَنْ هَذَا الْإِشْكَالِ بِقَوْلِهِ: وَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ إلَى آخِرِهِ، كَذَا قَالَهُ الشُّرَّاحُ قَاطِبَةً، غَيْرَ أَنَّ صَاحِبَ غَايَةِ الْبَيَانِ بَعْدَ أَنْ وَافَقَ سَائِرَ الشُّرَّاحِ فِي شَرْحِ هَذَا الْمَحَلِّ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ قَالَ: قُلْت لَا يَرِدُ عَلَى الْقُدُورِيِّ الِاعْتِرَاضُ رَأْسًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَنْفِي صِحَّةَ الرَّهْنِ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِأَنْفُسِهَا بَلْ صَرَّحَ بِصِحَّتِهِ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ هَا هُنَا عَلَى الدَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي الرَّهْنِ أَنْ يَكُونَ بِالدَّيْنِ، وَاكْتَفَى بِهِ هَا هُنَا اعْتِمَادًا عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، إلَى هُنَا لَفْظُهُ

أَقُولُ: لَا يَنْبَغِي لِمَنْ لَهُ أَدْنَى تَمْيِيزٍ فَضْلًا عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ الشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ: إنَّ الْقُدُورِيَّ لَمْ يَنْفِ فِي مُخْتَصَرِهِ صِحَّةَ الرَّهْنِ بِالْأَعْيَانِ الْمَضْمُونَةِ بِأَنْفُسِهَا بَعْدَ أَنْ رَأَى مَا فِي لَفْظِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا بِدَيْنٍ مَضْمُونٍ مِنْ أَدَاةِ قَصْرِ الصِّحَّةِ عَلَى الرَّهْنِ بِالدَّيْنِ وَهِيَ النَّفْيُ وَالِاسْتِثْنَاءُ.

وَإِنَّمَا يَصِحُّ مَا قَالَهُ الشَّارِحُ الْمَزْبُورُ أَنْ لَوْ كَانَ لَفْظُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ وَيَصِحُّ الرَّهْنُ بِالدَّيْنِ، وَلَمَّا كَانَ لَفْظُهُ فِيهِ وَلَا يَصِحُّ الرَّهْنُ إلَّا بِالدَّيْنِ لَمْ يَبْقَ لَهُ مَجَالٌ

وَقَوْلُهُ بَلْ صَرَّحَ بِصِحَّتِهِ فِي شَرْحِهِ لِمُخْتَصَرِ الْكَرْخِيِّ لَا يُجْدِي شَيْئًا فِي دَفْعِ الْإِشْكَالِ الْوَارِدِ عَلَى لَفْظِهِ فِي مُخْتَصَرِهِ، وَقَدْ تَدَارَكَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَيَدْخُلُ عَلَى هَذَا اللَّفْظِ

وَأَمَّا حَمْلُ الْقَصْرِ الْوَاقِعِ فِي هَذَا الْمُخْتَصَرِ عَلَى الْقَصْرِ الِادِّعَائِيِّ فَبِمَعْزِلِ عَنْ مُسَاعَدَةِ هَذَا الْفَنِّ إيَّاهُ، فَإِنَّ مُجَرَّدَ تَخْصِيصِ الشَّيْءِ بِالذِّكْرِ

<<  <  ج: ص:  >  >>