للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بَابُ مَا يَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ

قَالَ (وَإِذَا تَرَكَ الشَّفِيعُ الْإِشْهَادَ حِينَ عَلِمَ بِالْبَيْعِ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ) لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الطَّلَبِ وَهَذَا لِأَنَّ الْإِعْرَاضَ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ حَالَةَ الِاخْتِيَارِ وَهِيَ عِنْدَ الْقُدْرَةِ (وَكَذَلِكَ إنْ أَشْهَدَ فِي الْمَجْلِسِ وَلَمْ يَشْهَدْ عَلَى أَحَدِ

بَابُ مَا يَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ)

لَمَّا كَانَ بُطْلَانُ الشَّيْءِ يَقْتَضِي سَابِقَةَ ثُبُوتِهِ ذَكَرَ مَا يَبْطُلُ بِهِ الشُّفْعَةُ بَعْدَ ذِكْرِ مَا يَثْبُتُ بِهِ الشُّفْعَةُ

(قَوْلُهُ وَإِذَا تَرَكَ الشَّفِيعُ الْإِشْهَادَ حِينَ عَلِمَ الْبَيْعَ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الطَّلَبِ) فَإِنْ قِيلَ: جَعَلَ تَرْكَ الْإِشْهَادِ هَاهُنَا مُبْطِلًا لِلشُّفْعَةِ وَذَكَرَ قَبْلَ هَذَا فِي بَابِ طَلَبِ الشُّفْعَةِ أَنَّ الْإِشْهَادَ لَيْسَ بِلَازِمٍ، وَإِنَّمَا هُوَ لِنَفْيِ التَّجَاحُدِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا أَنَّ الْإِشْهَادَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ أَصْحَابُنَا الْإِشْهَادَ عِنْدَ هَذَا الطَّلَبِ فِي الْكُتُبِ بِطَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ، حَتَّى لَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي هَذَا الطَّلَبَ يَتَمَكَّنُ الشَّفِيعُ مِنْ إثْبَاتِهِ لَا لِأَنَّهُ شَرْطٌ لَازِمٌ وَلَمَّا لَمْ يَكُنْ الْإِشْهَادُ شَرْطًا لَازِمًا لَمْ يَكُنْ تَرْكُهُ مُبْطِلًا لِلشُّفْعَةِ فَمَا وَجْهُ التَّوْفِيقِ بَيْنَهُمَا؟ قُلْنَا: يَحْتَمِلُ أَنْ يُرِيدَ بِهَذَا الْإِشْهَادِ نَفْسَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ، وَلَكِنْ لَمَّا كَانَ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ لَا يَنْفَكُّ عَنْ الْإِشْهَادِ فِي حَقِّ عِلْمِ الْقَاضِي سَمَّى هَذَا الطَّلَبَ إشْهَادًا، وَالدَّلِيلُ عَلَى هَذَا مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ فِي حَقِّ تَرْكِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ مِثْلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ هَاهُنَا.

كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ وَاكْتَفَى تَاجُ الشَّرِيعَةِ وَصَاحِبُ الْكِفَايَةِ بِتَفْسِيرِ الْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ هَاهُنَا بِطَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ حَيْثُ قَالَا: وَإِذَا تَرَكَ الشَّفِيعُ الْإِشْهَادَ: أَيْ طَلَبَ الْمُوَاثَبَةِ وَاسْتَغْنَوْا بِهَذَا التَّفْسِيرِ عَنْ التَّعَرُّضِ لِتَفْصِيلِ السُّؤَالِ وَالْجَوَابِ بِالْكُلِّيَّةِ وَفَسَّرَهُ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ أَيْضًا بِمَا فَسَّرَاهُ بِهِ وَلَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ: وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا بِذَلِكَ لِئَلَّا يُرَدَّ مَا ذُكِرَ قَبْلَ هَذَا أَنَّ الْإِشْهَادَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، فَإِنَّ تَرْكَ مَا لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي شَيْءٍ لَا يُبْطِلُهُ وَيُعَضِّدُهُ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ مِنْ قَبْلُ: وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ أَشْهَدَ فِي مَجْلِسِهِ ذَلِكَ عَلَى الْمُطَالَبَةِ طَلَبُ الْمُوَاثَبَةِ.

وَقَوْله هَاهُنَا لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الطَّلَبِ إلَى هُنَا كَلَامُهُ أَقُولُ: فِيهِ خَلَلٌ، لِأَنَّ جَعْلَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ هُنَا لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الطَّلَبِ عَاضِدًا: أَيْ مُعِينًا لِكَوْنِ الْمُرَادِ بِالْإِشْهَادِ الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ هَاهُنَا نَفْسَ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ، صَحِيحٌ، إذْ لَوْ كَانَ الْإِشْهَادُ هَاهُنَا عَلَى مَعْنَاهُ الظَّاهِرِيِّ لَقَالَ فِي تَعْلِيلِ بُطْلَانِ الشُّفْعَةِ بِتَرْكِهِ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الْإِشْهَادِ دُونَ أَنْ يُقَالَ لِإِعْرَاضِهِ عَنْ الطَّلَبِ، وَهُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ صَاحِبُ النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بِقَوْلِهِمَا وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّعْلِيلِ فِي حَقِّ تَرْكِ طَلَبِ الْمُوَاثَبَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>