للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِكِتَابُ الْعَارِيَّةِ

قَالَ: (الْعَارِيَّةُ جَائِزَةٌ)؛ لِأَنَّهَا نَوْعُ إحْسَانٍ وَقَدْ «اسْتَعَارَ النَّبِيُّ دُرُوعًا مِنْ صَفْوَانَ» (وَهِيَ تُمْلِيك الْمَنَافِعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ) وَكَانَ الْكَرْخِيُّ يَقُولُ: هُوَ إبَاحَةُ الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِ الْغَيْرِ،

كِتَابُ الْعَارِيَّةِ)

. قَدْ مَرَّ وَجْهُ مُنَاسَبَةِ هَذَا الْكِتَابِ لِمَا قَبْلَهُ فِي أَوَّلِ الْوَدِيعَةِ، ثُمَّ إنَّهُ قَدْ وَقَعَ الِاخْتِلَافُ فِي تَفْسِيرِ الْعَارِيَّةِ لُغَةً وَشَرِيعَةً، أَمَّا لُغَةً فَقَدْ قَالَ الْجَوْهَرِيُّ فِي الصِّحَاحِ: الْعَارِيَّةُ بِالتَّشْدِيدِ كَأَنَّهَا مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارِ، لِأَنَّ طَلَبَهَا عَارٌ وَعَيْبٌ، وَالْعَارَةُ مِثْلُ الْعَارِيَّةِ انْتَهَى. وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُغْرِبِ: الْعَارِيَّةُ أَصْلُهَا عَوَرِيَّةٌ فَعْلِيَّةٌ مَنْسُوبَةٌ إلَى الْعَارَةِ اسْمٌ مِنْ الْإِعَارَةِ كَالْغَارَةِ مِنْ الْإِغَارَةِ، وَأَخْذُهَا مِنْ الْعَارِ الْعَيْبِ أَوْ الْعُرَى خَطَأٌ. انْتَهَى. وَفِي بَعْضِ الشُّرُوحِ مَا ذَكَرَهُ فِي الْمُغْرِبِ هُوَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ بَاشَرَ الِاسْتِعَارَةَ فَلَوْ كَانَ فِي طَلَبِهَا عَارٌ لَمَا بَاشَرَهَا. وَفِي الْقَامُوسُ وَالْمُغْرِبِ: وَقَدْ تُخَفَّفُ الْعَارِيَّةُ.

وَفِي الْمَبْسُوطِ قِيلَ: هِيَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ التَّعَاوُرِ وَهُوَ التَّنَاوُبُ فَكَأَنَّهُ يَجْعَلُ لِلْغَيْرِ نَوْبَةً فِي الِانْتِفَاعِ بِمِلْكِهِ عَلَى أَنْ تَعُودَ النَّوْبَةُ إلَيْهِ بِالِاسْتِرْدَادِ مَتَى شَاءَ، وَلِهَذَا كَانَتْ الْإِعَارَةُ فِي الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ قَرْضًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْتَفَعُ بِهَا إلَّا بِاسْتِهْلَاكِ الْعَيْنِ فَلَا تَعُودُ النَّوْبَةُ إلَيْهِ فِي تِلْكَ الْعَيْنِ لِتَكُونَ عَارِيَّةً حَقِيقَةً، وَإِنَّمَا تَعُودُ النَّوْبَةُ إلَيْهِ فِي مِثْلِهَا. وَأَمَّا شَرِيعَةً فَقَالَ عَامَّةُ الْعُلَمَاءِ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ تَمْلِيكِ الْمَنَافِعِ بِغَيْرِ عِوَضٍ. وَقَالَ الْكَرْخِيُّ وَالشَّافِعِيُّ: هِيَ عِبَارَةٌ عَنْ إبَاحَةِ الِانْتِفَاعِ

<<  <  ج: ص:  >  >>