فِي الِاسْتِيفَاءِ (فَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَمْ يَنْفُذْ عِتْقُهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْهُ، وَهَذَا لِأَنَّ الْمُكَاتِبَ لَا يَمْلِكُ بِسَائِرِ أَسْبَابِ الْمِلْكِ فَكَذَا بِسَبَبِ الْوِرَاثَةِ.
وَإِنْ أَعْتَقُوهُ جَمِيعًا عَتَقَ وَسَقَطَ عَنْهُ بَدَلُ الْكِتَابَةِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ إبْرَاءً عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ فَإِنَّهُ حَقُّهُمْ وَقَدْ جَرَى فِيهِ الْإِرْثُ، وَإِذَا بَرِئَ الْمُكَاتَبُ عَنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ يُعْتَقُ كَمَا إذَا أَبْرَأَهُ مَوْلَاهُ، إلَّا أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَا يَصِيرُ إبْرَاءً عَنْ نَصِيبِهِ، لِأَنَّا نَجْعَلُهُ إبْرَاءَ اقْتِضَاءٍ تَصْحِيحًا لِعِتْقِهِ. وَالْعِتْقُ لَا يَثْبُتُ بِإِبْرَاءِ الْبَعْضِ أَوْ أَدَائِهِ فِي الْمُكَاتَبِ لَا فِي بَعْضِهِ وَلَا فِي كُلِّهِ، وَلَا وَجْهَ إلَى إبْرَاءِ الْكُلِّ لِحَقِّ بَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
أَخْذِهِ فِي الدَّلِيلِ؟ قُلْنَا ظُهُورُهُ، فَإِنَّ التَّرَدُّدَ فِي زَوَالِ الْمَانِعِ يَمْنَعُ الِانْتِقَالَ لِإِمْكَانِ عَوْدِ الْمُوجِبِ الْأَصْلِيِّ اهـ كَلَامُهُ.
أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ، إذْ لِمَانِعٍ أَنْ يَمْنَعَ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّرَدُّدِ فِي زَوَالِ الْمَانِعِ يَمْنَعُ الِانْتِقَالَ، كَيْفَ وَهَذَا التَّرَدُّدُ مُتَحَقِّقٌ فِيمَا إذَا عَجَزَ بَعْدَ الْقَضَاءِ أَيْضًا مَعَ ثُبُوتِ الِانْتِقَالِ هُنَاكَ بِالِاتِّفَاقِ فَلِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ لَا يَمْنَعَ هَاهُنَا أَيْضًا كَمَا هُوَ مَذْهَبُ زُفَرَ وَقَوْلُ أَبِي يُوسُفَ أَوَّلًا؟ فَمِنْ أَيْنَ يَثْبُتُ الظُّهُورُ، وَلَوْ سُلِّمَ أَنَّ مُجَرَّدَ التَّرَدُّدِ فِي زَوَالِ الْمَانِعِ يَمْنَعُ الِانْتِقَالَ فِي الْحَالِ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَثْبُتْ الِانْتِقَالُ فِي الْحَالِ مُسْتَدْرَكًا بَعْدَ أَنْ قَالَ إنَّ الْمَانِعَ قَابِلٌ لِلزَّوَالِ لِلتَّرَدُّدِ، أَوْ كَانَ حَقُّهُ أَنْ يَقُولَ فَلَمْ يَثْبُتْ الِانْتِقَالُ فِي الْحَالِ بِالتَّفْرِيعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى ذِي مُسْكَةٍ، وَكَأَنَّ صَاحِبَ الْكَافِي تَنَبَّهَ لِهَذَا حَيْثُ قَالَ: وَلَمَّا كَانَ الْمَانِعُ مُتَرَدِّدًا لَمْ يَثْبُتْ الِانْتِقَالُ عَنْ الْمُوجِبِ الْأَصْلِيِّ إلَّا بِالْقَضَاءِ أَوْ الرِّضَا.
(كِتَابُ الْوَلَاءِ)
أَوْرَدَ كِتَابَ الْوَلَاءِ عَقِيبَ كِتَابِ الْمُكَاتَبِ، لِأَنَّ الْوَلَاءَ مِنْ آثَارِ التَّكَاتُبِ بِزَوَالِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ عِنْدَ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَهُوَ وَإِنْ كَانَ مِنْ آثَارِ الْإِعْتَاقِ أَيْضًا إلَّا أَنَّ مُوجِبَاتِ تَرْتِيبِ الْكُتُبِ السَّابِقَةِ سَاقَتْ التَّكَاتُبَ إلَى هَذَا الْمَوْضِعِ فَوَجَبَ تَأْخِيرُ كِتَابِ الْوَلَاءِ عَنْ كِتَابِ الْمُكَاتَبِ لِئَلَّا يَتَقَدَّمَ الْأَثَرُ عَلَى الْمُؤَثِّرِ، ثُمَّ إنَّ الْوَلَاءَ لُغَةً مُشْتَقٌّ مِنْ الْوَلْيِ وَهُوَ الْقُرْبُ، وَحُصُولُ الثَّانِي بَعْدَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute