للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَاحِدَةٌ، وَلَوْ أَوْصَى لِحَرْبِيٍّ. فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الْإِرْثَ مُمْتَنَعٌ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ وَالْوَصِيَّةُ أُخْتُهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

(بَابُ الْوَصِيِّ وَمَا يَمْلِكُهُ)

قَالَ (وَمَنْ أَوْصَى إلَى رَجُلٍ فَقَبِلَ الْوَصِيُّ فِي وَجْهِ الْمُوصِي وَرَدَّهَا فِي غَيْرِ وَجْهِهِ فَلَيْسَ بِرَدٍّ) لِأَنَّ الْمَيِّتَ مَضَى

أَنَّ الذِّمِّيَّةَ تُقَرُّ عَلَى اعْتِقَادِهَا، وَأَمَّا الْمُرْتَدَّةُ فَلَا تُقَرُّ عَلَى اعْتِقَادِهَا اهـ. وَقَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ بَعْدَ نَقْلِ هَذَا عَنْ النِّهَايَةِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مُنَافَاةَ بَيْنَ كَلَامَيْهِ لِأَنَّهُ قَالَ هُنَاكَ الصَّحِيحُ وَهُنَا الْأَصَحُّ وَهُمَا يَصْدُقَانِ اهـ. أَقُولُ: لَيْسَ هَذَا بِتَوْفِيقٍ صَحِيحٍ، إذَا لَا شَكَّ أَنَّ مُرَادَ مَنْ قَالَ فِي الْخِلَافِيَّاتِ هُوَ الصَّحِيحُ يَرْجِعُ هَذَا الْقَوْلُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ لَا بَيَانَ مُجَرَّدِ صِحَّتِهِ مَعَ رُجْحَانِ الْآخَرِ، كَمَا أَنَّ مُرَادَ مَنْ قَالَ هُوَ الْأَصَحُّ تَرْجِيحُهُ عَلَى الْآخَرِ بَلْ قَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ دَلَّ عَلَى التَّرْجِيحِ مِنْ قَوْلِهِ هُوَ الْأَصَحُّ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ تَرْجِيحَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ يُنَافِي تَرْجِيحَ الْآخَرِ عَلَيْهِ وَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَصْدُقَا مَعًا

(قَوْلُهُ وَلَوْ أَوْصَى لِحَرْبِيٍّ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَجُوزُ، لِأَنَّ الْإِرْثَ مُمْتَنِعٌ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ وَالْوَصِيَّةُ أُخْتُهُ) أَقُولُ: هَذَا التَّعْلِيلُ الَّذِي حَاصِلُهُ قِيَاسُ الْوَصِيَّةِ عَلَى الْإِرْثِ مَنْقُوضٌ بِمَسَائِلَ مُتَعَدِّدَةٍ مَرَّتْ فِي الْكِتَابِ آنِفًا: مِنْهَا مَا إذَا دَخَلَ الْحَرْبِيُّ دَارَنَا بِأَمَانٍ فَأَوْصَى لِمُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ بِمَالِهِ كُلِّهِ فَإِنَّهُ جَائِزٌ، مَعَ أَنَّ الْإِرْثَ مُمْتَنَعٌ بَيْنَ الذِّمِّيِّ وَالْحَرْبِيِّ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ. وَبَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْحَرْبِيِّ لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ وَلِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ حُكْمًا. وَمِنْهَا مَا إذَا أَوْصَى ذِمِّيٌّ لِحَرْبِيٍّ مُسْتَأْمَنٍ بِوَصِيَّةٍ فَإِنَّهُ جَائِزٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، مَعَ أَنَّهُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَهُمَا لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ حُكْمًا. وَمِنْهَا مَا إذَا أَوْصَى مُسْلِمٌ لِمُسْتَأْمَنٍ بِشَيْءٍ فَإِنَّهُ أَيْضًا جَائِزٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مَعَ أَنَّهُ لَا تَوَارُثَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ أَصْلًا لِاخْتِلَافِ الدِّينَيْنِ وَلِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ أَيْضًا إذَا كَانَ الْكَافِرُ حَرْبِيًّا وَلَوْ كَانَ مُسْتَأْمَنًا.

(بَابُ الْوَصِيِّ وَمَا يَمْلِكُهُ)

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُوصَى لَهُ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ الْمُوصَى إلَيْهِ وَهُوَ الْوَصِيُّ، وَقَدَّمَ أَحْكَامَ الْمُوصَى لَهُ لِكَثْرَتِهَا وَكَثْرَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>