للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(إلَّا أَنَّهُ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَحْضُرَ مَوْلَاهُ)؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّقَبَةِ؛ لِأَنَّهَا خَالِصُ حَقِّ الْمَوْلَى، بِخِلَافِ الْكَسْبِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ عَلَى مَا بَيَّنَّا (فَإِنْ حَضَرَ فَقَالَ هُوَ مَأْذُونٌ بِيعَ فِي الدَّيْنِ)؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ الدَّيْنُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى (وَإِنْ قَالَ هُوَ مَحْجُورٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ)؛ لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْأَصْلِ. .

فَصْلٌ

(وَإِذَا أَذِنَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ لِلصَّبِيِّ فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ حَتَّى يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ) وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يَنْفُذُ؛ لِأَنَّ حَجْرَهُ لِصِبَاهُ فَيَبْقَى بِبَقَائِهِ، وَلِأَنَّهُ مُوَلًّى عَلَيْهِ حَتَّى يَمْلِكَ الْوَلِيُّ

وَفِي الِاسْتِحْسَانِ يَثْبُتُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ مَأْذُونٌ؛ لِأَنَّ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الصَّلَاحِ مَا أَمْكَنَ وَلَا يَثْبُتُ الْجَوَازُ إلَّا بِالْإِذْنِ فَوَجَبَ أَنْ يُحْمَلَ عَلَيْهِ، وَالْعَمَلُ بِالظَّاهِرِ هُوَ الْأَصْلُ فِي الْمُعَامَلَاتِ دَفْعًا لِلشَّرَرِ عَنْ النَّاسِ.

وَالْقِيَاسُ أَنْ يَشْتَرِطَ عَدَالَةَ الْمُخْبِرِ؛ لِأَنَّ الْحُجَّةَ خَبَرُ الْعَدْلِ. وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا يُشْتَرَطُ لِلضَّرُورَةِ أَوْ الْبَلْوَى، إلَى هُنَا كَلَامُهُ.

وَاقْتَفَى أَثَرَهُ صَاحِبُ مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ فِي شَرْحِ هَذَا الْكِتَابِ وَالْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ (قَوْلُهُ إلَّا أَنَّهُ لَا يُبَاعُ حَتَّى يَحْضُرَ مَوْلَاهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّقَبَةِ لِأَنَّهَا خَالِصُ حَقِّ الْمَوْلَى، بِخِلَافِ الْكَسْبِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ عَلَى مَا بَيَّنَّا) أَقُولُ: لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: إنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهَا خَالِصُ حَقِّ الْمَوْلَى أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا حَقُّ الْعَبْدِ وَلَا حَقُّ الْغُرَمَاءِ فَهُوَ مَمْنُوعٌ، إذْ قَدْ تَقَرَّرَ فِيمَا مَرَّ أَنَّ حَقَّ الْغُرَمَاءِ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَةِ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ حَتَّى كَانَ لَهُمْ أَنْ يَبِيعُوهُ لِاسْتِيفَاءِ دُيُونِهِمْ إلَّا أَنْ يَفْدِيَ الْمَوْلَى دُيُونَهُمْ، وَإِنْ أَرَادَ بِذَلِكَ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهَا حَقُّ الْعَبْدِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ قَوْلِهِ بِخِلَافِ الْكَسْبِ؛ لِأَنَّهُ حَقُّ الْعَبْدِ فَهُوَ مُسَلَّمٌ، لَكِنْ لَا يَتِمُّ بِهِ التَّعْلِيلُ حِينَئِذٍ عَلَى أَنْ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّقَبَةِ أَصْلًا؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْنَعُ أَنْ يُقْبَلَ قَوْلُهُ فِيهَا لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغُرَمَاءِ بِهَا كَمَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي ثُبُوتِ الْإِذْنِ لَهُ وَلُزُومِ كُلِّ شَيْءٍ فِي التِّجَارَةِ لِئَلَّا يَضِيقَ الْأَمْرُ عَلَى النَّاسِ فَلْيُتَأَمَّلْ.

وَالْأَظْهَرُ فِي تَعْلِيلِ قَوْلِهِ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الرَّقَبَةِ: أَيْ فِي حَقِّ بَيْعِ الرَّقَبَةِ أَنْ يُقَالَ: لِأَنَّ بَيْعَ الرَّقَبَةِ لَيْسَ مِنْ لَوَازِمِ الْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ؛ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا أَذِنَ الْمُدَبَّرَ وَأُمَّ الْوَلَدِ وَلَحِقَهُمَا الدَّيْنُ لَا يُبَاعَانِ وَهُمَا مَأْذُونٌ لَهُمَا كَمَا ذَكَرَ فِي النِّهَايَةِ وَغَيْرِهَا. اهـ.

(فَصْلٌ)

لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ أَحْكَامِ إذْنِ الْعَبْدِ فِي التِّجَارَةِ شَرَعَ فِي بَيَانِ أَحْكَامِ إذْنِ الصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ، وَقَدَّمَ الْأَوَّلَ لِكَثْرَةِ وُقُوعِهِ (قَوْلُهُ وَإِذَا أَذِنَ وَلِيُّ الصَّبِيِّ لِلصَّبِيِّ فِي التِّجَارَةِ فَهُوَ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَالْعَبْدِ الْمَأْذُونِ إذَا كَانَ يَعْقِلُ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ حَتَّى يَنْفُذَ تَصَرُّفُهُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>