للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ

قَالَ (وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا وَلَا يَلْمِسُهَا وَلَا يُقَبِّلُهَا وَلَا يَنْظُرُ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْلُهُ فِي سَبَايَا أَوْطَاسٍ «أَلَا لَا تُوطَأُ الْحَبَالَى حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ، وَلَا الْحَيَالَى

فَصْلٌ فِي الِاسْتِبْرَاءِ وَغَيْرِهِ)

قَالَ الشُّرَّاحُ: أَخَّرَ الِاسْتِبْرَاءَ؛ لِأَنَّهُ احْتِرَازٌ عَنْ وَطْءٍ مُقَيَّدٍ، وَالْمُقَيَّدُ بَعْدَ الْمُطْلَقِ. وَقَالَ بَعْضُ الْفُضَلَاءِ: فَإِنْ قُلْتَ: أَيْنَ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ فِيمَا سَبَقَ؟ قُلْتُ: فُهِمَ ذَلِكَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ أَوْ الْإِشَارَةِ، فَإِنَّهُ يَتَضَمَّنُ اللَّمْسَ، فَالنَّهْيُ عَنْ الْمَسِّ نَهْيٌ عَنْهُ فَلِهَذَا عَنْوَنَهُ بِالْوَطْءِ فَتَأَمَّلْ انْتَهَى. أَقُولُ: لَا السُّؤَالُ بِشَيْءٍ وَلَا الْجَوَابُ.

أَمَّا الْأَوَّلُ فَلِأَنَّهُمْ مَا قَالُوا: لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْوَطْءِ الْمُقَيَّدِ بَعْدَ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ حَتَّى يَتَوَجَّهَ السُّؤَالُ بِأَيْنَ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ فِيمَا سَبَقَ، بَلْ مُرَادُهُمْ أَنَّ الْوَطْءَ الْمُقَيَّدَ نَفْسَهُ بَعْدَ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ نَفْسِهِ، فَأَخَّرَ مَا يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ الْمُقَيَّدِ، وَهُوَ الِاسْتِبْرَاءُ عَمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْوَطْءِ الْمُطْلَقِ، وَكَيْفَ يُتَوَهَّمُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُهُمْ أَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْوَطْءِ الْمُقَيَّدِ بَعْدَ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ، وَانْتِفَاءُ الْمُقَيَّدِ لَا يَسْتَلْزِمُ انْتِفَاءَ الْمُطْلَقِ كَمَا لَا يَخْفَى فَأَنَّى يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ الِاحْتِرَازُ عَنْ الْوَطْءِ الْمُقَيَّدِ بَعْدَ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ. وَأَمَّا تَحَقُّقُ الْمُقَيَّدِ فَيَسْتَلْزِمُ تَحَقُّقَ الْمُطْلَقِ فِي ضِمْنِهِ فَيَصِحُّ أَنْ يُقَالَ: الْوَطْءُ الْمُقَيَّدُ بَعْدَ الْوَطْءِ الْمُطْلَقِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَكَّبَ بَعْدَ الْمُفْرَدِ كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ.

وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ أَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْ الْمُقَيَّدِ بَعْدَ الِاحْتِرَازِ عَنْ الْمُطْلَقِ وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ، وَأَيْضًا لَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ فَلِهَذَا عَنْوَنَهُ بِالْوَطْءِ؛ لِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الْمَسِّ إذَا كَانَ نَهْيًا عَنْ الْوَطْءِ كَانَ الْعُنْوَانُ بِالْمَسِّ عُنْوَانًا بِالْوَطْءِ أَيْضًا، فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُعَنْوِنَ الْفَصْلَ السَّابِقَ بِالْوَطْءِ اسْتِقْلَالًا، كَمَا لَمْ يَذْكُرْ فِيهِ النَّهْيَ عَنْ الْوَطْءِ اسْتِقْلَالًا. ثُمَّ أَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْوَطْءِ الْمُطْلَقِ الْمَذْكُورِ فِيمَا تَقَدَّمَ مَا فِي مَسْأَلَةِ الْعَزْلِ الْمَذْكُورَةِ قُبَيْلَ فَصْلِ الِاسْتِبْرَاءِ، فَإِنَّ الْعَزْلَ أَنْ يَطَأَ الرَّجُلُ فَإِذَا قَرُبَ الْإِنْزَالُ أَخْرَجَ فَيُنْزِلُ خَارِجَ الْفَرْجِ، وَأَنَّ مُرَادَهُمْ بِالْوَطْءِ الْمُقَيَّدِ هَاهُنَا مَا قُيِّدَ بِزَمَانٍ، فَإِنَّ الْوَطْءَ فِي الِاسْتِبْرَاءِ مُقَيَّدٌ بِالزَّمَانِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ وَفِي الْعَزْلِ مُطْلَقٌ عَنْهُ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِالْوَطْءِ الْمَذْكُورِ فِي عُنْوَانِ الْفَصْلِ السَّابِقِ أَيْضًا مَا فِي ضِمْنِ تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ كَمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ فِي صَدْرِ ذَلِكَ الْفَصْلِ (قَوْلُهُ وَمَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَإِنَّهُ لَا يَقْرَبُهَا وَلَا يَلْمِسُهَا وَلَا يُقَبِّلُهَا وَلَا يَنْظُرُ إلَى فَرْجِهَا بِشَهْوَةٍ حَتَّى يَسْتَبْرِئَهَا) أَقُولُ: فِي إطْلَاقِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَظَرٌ، فَإِنَّ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً كَانَتْ تَحْتَ نِكَاحِهِ أَوْ كَانَتْ تَحْتَ نِكَاحِ غَيْرِهِ وَلَكِنْ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا بَعْدَ أَنْ اشْتَرَاهَا وَقَبَضَهَا أَوْ كَانَتْ مُعْتَدَّةَ الْغَيْرِ فَانْقَضَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>