للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ (وَمَنْ عَلِمَ بِجَارِيَةٍ أَنَّهَا لِرَجُلٍ فَرَأَى آخَرَ يَبِيعُهَا وَقَالَ وَكَّلَنِي صَاحِبُهَا بِبَيْعِهَا فَإِنَّهُ يَسَعُهُ أَنَّهُ يَبْتَاعُهَا وَيَطَؤُهَا)؛ لِأَنَّهُ أُخْبِرَ بِخَبَرٍ صَحِيحٍ لَا مُنَازِعَ لَهُ، وَقَوْلُ الْوَاحِدِ فِي الْمُعَامَلَاتِ مَقْبُولٌ عَلَى أَيِّ وَصْفٍ كَانَ لِمَا مَرَّ مِنْ قَبْلُ. وَكَذَا إذَا قَالَ اشْتَرَيْتهَا مِنْهُ أَوْ وَهَبَهَا لِي أَوْ تَصَدَّقَ بِهَا عَلَيَّ لِمَا قُلْنَا. وَهَذَا إذَا كَانَ ثِقَةً.

(فَصْلٌ فِي الْبَيْعِ)

قَالَ الشُّرَّاحُ: أَخَّرَ فَصْلَ الْبَيْعِ عَنْ فَصْلِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَاللَّمْسِ وَالْوَطْءِ؛ لِأَنَّ أَثَرَ تِلْكَ الْأَفْعَالِ مُتَّصِلٌ بِبَدَنِ الْإِنْسَانِ، وَهَذَا لَا، وَمَا كَانَ أَكْثَرَ اتِّصَالًا كَانَ أَحَقَّ بِالتَّقْدِيمِ انْتَهَى. أَقُولُ: كَانَ الْمُنَاسِبُ بِسِيَاقِ كَلَامِهِمْ أَنْ يَقُولُوا: وَمَا كَانَ مُتَّصِلًا كَانَ أَحَقَّ بِالتَّقْدِيمِ. إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا: وَمَا كَانَ أَكْثَرَ اتِّصَالًا كَانَ أَحَقَّ بِالتَّقْدِيمِ إفَادَةٌ فِي ضِمْنِ بَيَانِ وَجْهِ تَأْخِيرِ هَذَا الْفَصْلِ وَجْهُ تَأْخِيرِ الْفُصُولِ السَّابِقَةِ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ أَيْضًا؛ لِأَنَّ مَا هُوَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهَا أَكْثَرُ اتِّصَالًا بِبَدَنِ الْإِنْسَانِ مِمَّا هُوَ الْمُتَأَخِّرُ كَمَا يَظْهَرُ بِالتَّأَمُّلِ الصَّادِقِ

(قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ ثِقَةً) قَالَ صَاحِبُ الْعِنَايَةِ: فَإِنْ قِيلَ: قَوْلُهُ وَهَذَا إذَا كَانَ ثِقَةً يُنَاقِضُ قَوْلَهُ عَلَى أَيِّ وَصْفٍ كَانَ. أُجِيبَ بِأَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ ثِقَةٌ أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ يُعْتَمَدُ عَلَى كَلَامِهِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا لِجَوَازِ أَنْ لَا يَكْذِبَ الْفَاسِقُ لِمُرُوءَتِهِ وَلِوَجَاهَتِهِ انْتَهَى.

وَاقْتَفَى أَثَرَهُ الْعَيْنِيُّ.

<<  <  ج: ص:  >  >>