للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كِتَابُ الْقِسْمَةِ

الْقِسْمَةُ فِي الْأَعْيَانِ الْمُشْتَرَكَةِ مَشْرُوعَةٌ، لِأَنَّ النَّبِيَّ بَاشَرَهَا فِي الْمَغَانِمِ وَالْمَوَارِيثِ، وَجَرَى

فَلَا شَكَّ؛ كَمَا لَوْ تَرَكَ اكْتِسَابَ الْمَالِ لِمَنْعِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَبَعْدَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ لَا يُكْرَهُ الِاحْتِيَالُ أَيْضًا لِأَنَّهُ احْتِيَالٌ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ نَفْسِهِ لَا لِإِضْرَارٍ بِالْغَيْرِ، فَظَاهِرُ مَا ذَكَرَ فِي الْكِتَابِ دَلِيلٌ عَلَى هَذَا، إلَى هُنَا لَفْظُ فَتَاوَى قَاضِي خَانْ

(كِتَابُ الْقِسْمَةِ) مُنَاسَبَةُ الْقِسْمَةِ بِالشُّفْعَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ نَتَائِجِ النَّصِيبِ الشَّائِعِ لِمَا أَنَّ أَقْوَى أَسْبَابِ الشُّفْعَةِ الشَّرِكَةُ، فَأَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إذَا أَرَادَ الِافْتِرَاقَ مَعَ بَقَاءِ مِلْكِهِ طَلَبَ الْقِسْمَةَ وَمَعَ عَدَمِ بَقَائِهِ بَاعَ فَوَجَبَ عِنْدَهُ الشُّفْعَةُ؛ هَذَا زُبْدَةُ مَا فِي عَامَّةِ الشُّرُوحِ وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ وَمِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ بَعْدَ ذَلِكَ: أَوْ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ نَافِيَةٌ لِلشُّفْعَةِ قَاطِعَةٌ لِوُجُوبِهَا رُجُوعًا إلَى قَوْلِهِ «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» وَالنَّفْيُ يَقْتَضِي سَبْقَ الثُّبُوتِ فَكَانَتْ بَيْنَ الشُّفْعَةِ وَالْقِسْمَةِ مُنَاسَبَةُ الْمُضَادَّةِ، وَالْمُتَضَادَّانِ يَفْتَرِقَانِ أَبَدًا مَعَ تَقَدُّمِ الْمُثْبَتِ عَلَى الْمَنْفِيِّ كَمَا فِي الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ انْتَهَى.

أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ، لِأَنَّ كَوْنَ الْقِسْمَةِ نَافِيَةً لِلشُّفْعَةِ قَاطِعَةً لِوُجُوبِهَا رُجُوعًا إلَى قَوْلِهِ «الشُّفْعَةُ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ، فَإِذَا وَقَعَتْ الْحُدُودُ وَصُرِفَتْ الطُّرُقُ فَلَا شُفْعَةَ» إنَّمَا يَتَمَشَّى عَلَى أَصْلِ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ لَمْ يُجَوِّزْ الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ، وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِالْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ، وَأَمَّا عَلَى أَصْلِ أَئِمَّتِنَا فَلَا، لِأَنَّهُمْ جَوَّزُوا الشُّفْعَةَ بِالْجِوَارِ أَيْضًا وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِأَحَادِيثَ أُخَرَ وَأَجَابُوا عَنْ اسْتِدْلَالِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>