عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ وَقَالَ مُحَمَّدٌ وَزُفَرُ رَحِمَهُمَا اللَّهُ: هُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ إذَا بَلَغَ) قَالُوا: وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ إذَا بَلَغَهُمَا شِرَاءُ دَارٍ بِجِوَارِ دَارِ الصَّبِيِّ فَلَمْ يَطْلُبَا الشُّفْعَةَ، وَعَلَى هَذَا الْخِلَافِ تَسْلِيمُ الْوَكِيلِ بِطَلَبِ الشُّفْعَةِ فِي رِوَايَةِ كِتَابِ الْوِكَالَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ لِمُحَمَّدٍ وَزُفَرَ أَنَّهُ حَقٌّ ثَابِتٌ لِلصَّغِيرِ فَلَا يَمْلِكَانِ إبْطَالَهُ كَدِيَتِهِ وَقَوْدِهِ، وَلِأَنَّهُ شُرِعَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ فَكَانَ إبْطَالُهُ إضْرَارًا بِهِ وَلَهُمَا أَنَّهُ فِي مَعْنَى التِّجَارَةِ فَيَمْلِكَانِ تَرْكَهُ؛ أَلَا تَرَى أَنَّ مَنْ أَوْجَبَ بَيْعًا لِلصَّبِيِّ صَحَّ رَدُّهُ مِنْ الْأَبِ وَالْوَصِيِّ، وَلِأَنَّهُ دَائِرٌ بَيْنَ النَّفْعِ وَالضَّرَرِ، وَقَدْ يَكُونُ النَّظَرُ فِي تَرْكِهِ لِيَبْقَى الثَّمَنُ عَلَى مِلْكِهِ وَالْوِلَايَةُ نَظَرِيَّةٌ فَيَمْلِكَانِهِ وَسُكُوتُهُمَا كَإِبْطَالِهِمَا لِكَوْنِهِ دَلِيلَ الْإِعْرَاضِ، وَهَذَا إذَا بِيعَتْ بِمِثْلِ قِيمَتِهَا، فَإِنْ بِيعَتْ بِأَكْثَرَ مِنْ قِيمَتِهَا بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ قِيلَ جَازَ التَّسْلِيمُ بِالْإِجْمَاعِ لِأَنَّهُ تَمَحَّضَ نَظَرًا وَقِيلَ لَا يَصِحُّ بِالِاتِّفَاقِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ الْأَخْذَ فَلَا يَمْلِكُ التَّسْلِيمَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ بِيعَتْ بِأَقَلَّ مِنْ قِيمَتِهَا مُحَابَاةً كَثِيرَةً، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّسْلِيمُ مِنْهُمَا أَيْضًا وَلَا رِوَايَةَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
بَعْدَ الْوُجُوبِ إذَا لَمْ يَكُنْ قَصْدُ الْمُشْتَرِي الْإِضْرَارَ بِهِ وَإِنَّمَا قَصْدُهُ الدَّفْعُ عَنْ مِلْكِ نَفْسِهِ ثُمَّ قَالَ: وَقِيلَ هَذَا قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ وَأَمَّا عِنْدَ مُحَمَّدٍ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ عَلَى قِيَاسِ اخْتِلَافِهِمْ فِي الِاحْتِيَالِ لِإِسْقَاطِ الِاسْتِبْرَاءِ وَلِلْمَنْعِ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ انْتَهَى قَالَ الْإِمَامُ قَاضِي خَانْ فِي فَتَاوَاهُ ذَكَرَ مُحَمَّدٌ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْأَصْلِ: الْحِيلَةُ فِي إسْقَاطِ الشُّفْعَةِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْكَرَاهَةَ قَالُوا: عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا تُكْرَهُ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ تُكْرَهُ وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ الْحِيلَةِ لِمَنْعِ وُجُوبِ الزَّكَاةِ وَمَنْعِ الِاسْتِبْرَاءِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَا تُكْرَهُ وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: تُكْرَهُ الْحِيلَةُ لِإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ بَعْدَ الْوُجُوبِ لِأَنَّهُ احْتِيَالٌ لِإِبْطَالِ حَقٍّ وَاجِبٍ، وَقَبْلَ الْوُجُوبِ إنْ كَانَ الْجَارُ فَاسِقًا يُتَأَذَّى مِنْهُ فَلَا بَأْسَ بِهِ وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: لَا بَأْسَ بِالِاحْتِيَالِ لِإِبْطَالِ حَقِّ الشُّفْعَةِ عَلَى كُلِّ حَالٍ أَمَّا قَبْلَ وُجُوبِ الشُّفْعَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute