مَاتَتْ فِي السَّنَةِ بَعْدَ اسْتِعْجَالِ نَفَقَةِ السَّنَةِ، وَالْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجِبُ الرَّدُّ.
قَالَ (وَلَا بَأْسَ بِأَنْ تُسَافِرَ الْأَمَةُ وَأُمُّ الْوَلَدِ بِغَيْرِ مَحْرَمٍ)؛ لِأَنَّ الْأَجَانِبَ فِي حَقِّ الْإِمَاءِ فِيمَا يَرْجِعُ إلَى النَّظَرِ وَالْمَسِّ بِمَنْزِلَةِ الْمَحَارِمِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ، وَأُمُّ الْوَلَدِ أَمَةٌ لِقِيَامِ الْمِلْكِ فِيهَا وَإِنْ امْتَنَعَ بَيْعُهَا.
النِّهَايَةِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِي اللَّقِيطِ لَا فِي الصِّغَارِ مُطْلَقًا. وَلَا مَعْنًى لِحَمْلِ قَوْلِهِ لَا أَبَ لَهُ فِي مَسْأَلَةِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ عَلَى بَيَانِ الْوَاقِعِ بِأَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ لَا أَبَ لَهُ مَعْرُوفٌ لَا أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ أَبٌ فِي الْحَيَاةِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ الْمُرَادُ لَا أَبَ لَهُ مَعْرُوفٌ حِينَ الِالْتِقَاطِ فَهَذَا مَعَ كَوْنِهِ بَعِيدًا مِنْ اللَّفْظِ جِدًّا لِاحْتِيَاجِهِ إلَى التَّقْيِيدِ مَرَّتَيْنِ يَصِيرُ بِمَنْزِلَةِ اللَّغْوِ مِنْ الْكَلَامِ فِي هَذَا الْمَقَامِ لَا يَلِيقُ بِشَأْنِ الْإِمَامِ الرَّبَّانِيِّ مُحَمَّدٍ ذَلِكَ الْهُمَامُ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ لَا مَعْرُوفٌ أَصْلًا: أَيْ لَا حِينَ الِالْتِقَاطِ وَلَا بَعْدَهُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ بَيَانًا لِلْوَاقِعِ، إذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ لَا يَكُونَ اللَّقِيطُ إلَّا كَذَلِكَ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ بَعْدَ الِالْتِقَاطِ بِأَنْ ادَّعَى أَحَدٌ أَنَّهُ ابْنُهُ، وَشَاعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ مَقْبُولٌ فِي الشَّرْعِ كَمَا مَرَّ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ سَائِرِ الْأَوْلَادِ الَّذِينَ يَحْتَاجُ ثُبُوتُ نَسَبِهِمْ إلَى دَعْوَةِ الْأَبِ كَمَا فِي الْمَوْلُودِ مِنْ أَمَتِهِ. فَالْحَقُّ عِنْدِي أَنَّ قَوْلَهُ لَا أَبَ لَهُ قَيْدٌ احْتِرَازِيٌّ مِنْ اللَّقِيطِ الَّذِي كَانَ لَهُ أَبٌ حَاضِرٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مِمَّنْ كَانَ فِي يَدِهِ مِثْلُ ذَلِكَ اللَّقِيطِ أَنْ يَقْبِضَ الْهِبَةَ أَوْ الصَّدَقَةَ لَهُ عَلَى مُوجِبِ مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الْهِبَةِ مِنْ أَنَّ زَوْجَ الصَّغِيرَةِ يَمْلِكُ قَبْضَ الْهِبَةِ لَهَا بَعْدَ الزِّفَافِ مَعَ حَضْرَةِ الْأَبِ لِتَفْوِيضِ الْأَبِ أُمُورَهَا إلَيْهِ دَلَالَةً.
بِخِلَافِ الْأُمِّ وَكُلِّ مَنْ يَعُولُهَا غَيْرُهَا حَيْثُ لَا يَمْلِكُونَهُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ أَوْ غَيْبَتِهِ غَيْبَةً مُنْقَطِعَةً فِي الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّ تَصَرُّفَ هَؤُلَاءِ لِلضَّرُورَةِ لَا بِتَفْوِيضِ الْأَبِ. وَمَعَ حَضْرَةِ الْأَبِ لَا ضَرُورَةَ انْتَهَى.
إذْ لَا شَكَّ أَنَّ الْمُلْتَقِطَ دَاخِلٌ فِي كُلِّيَّةِ قَوْلِهِ وَكُلُّ مَنْ يَعُولُهَا غَيْرُهَا، فَيَلْزَمُ أَنْ لَا يَمْلِكَ قَبْضَ الْهِبَةِ لِلصَّغِيرَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدِهِ وَعَوْلُهُ كَمَا لَا يَخْفَى فَتَبَصَّرْ، وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ لِلصَّوَابِ.
(كِتَابُ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ)
قَالَ جُمْهُورُ الشُّرَّاحِ: مُنَاسَبَةُ هَذَا الْكِتَابِ بِكِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ يَجُوزُ أَنْ تَكُونَ مِنْ حَيْثُ إنَّ فِي مَسَائِلِ هَذَا الْكِتَابِ مَا يُكْرَهُ وَمَا لَا يُكْرَهُ انْتَهَى.
وَقَالَ الشَّارِحُ الْعَيْنِيُّ بَعْدَ نَقْلِ قَوْلِهِمْ الْمَذْكُورِ: وَهَذَا لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ كِتَابٌ مِنْ الْكُتُبِ يَخْلُو عَمَّا يُكْرَهُ وَمَا لَا يُكْرَهُ انْتَهَى. أَقُولُ: بَلْ مَا ذَكَرَهُ نَفْسَهُ فِي الرَّدِّ عَلَيْهِمْ لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ مَا ذَكَرُوا فِي تَرْتِيبِ الْكُتُبِ السَّابِقَةِ وَاللَّاحِقَةِ مِنْ الْمُنَاسَبَاتِ مَلْحُوظَةٌ فِيمَا ذَكَرُوا هَاهُنَا مِنْ الْمُنَاسَبَةِ بَيْنَ هَذَا الْكِتَابِ وَكِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ الْحَيْثِيَّةَ الْمَذْكُورَةَ هَاهُنَا مَعَ مُلَاحَظَةِ تِلْكَ الْمُنَاسَبَاتِ تَقْتَضِي ذِكْرَ هَذَا الْكِتَابِ عَقِيبَ كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ دُونَ غَيْرِهِ، إذْ لَوْ غُيِّرَ ذَلِكَ لَفَاتَ بَعْضٌ مِنْ الْمُنَاسَبَاتِ السَّابِقَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute