للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَفِيمَا اكْتَفَيْنَا بِهِ كِفَايَةٌ وَهِدَايَةٌ إلَى تَخْرِيجِ غَيْرِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ.

كِتَابُ الصَّيْدِ

قَالَ: الصَّيْدُ الِاصْطِيَادُ، وَيُطْلَقُ عَلَى مَا يُصَادُ، وَالْفِعْلُ مُبَاحٌ لِغَيْرِ الْمُحْرِمِ فِي غَيْرِ الْحَرَمِ

كَانَ كَذَلِكَ لَا يُعْتَبَرُ الْمَاءُ وَإِنَّمَا يُعْتَبَرُ الْعَصِيرُ وَهِيَ تِسْعَةُ دَوَارِقَ، فَكَذَلِكَ هَذَا، إلَى هُنَا لَفْظُهُ (قَوْلُهُ وَفِيمَا اكْتَفَيْنَا بِهِ كِفَايَةٌ وَهِدَايَةٌ إلَى تَخْرِيجِ غَيْرِهَا مِنْ الْمَسَائِلِ) قُلْت: فِيهِ إيهَامٌ لَطِيفٌ لِكِتَابَيْهِ الْمُسَمَّى أَحَدُهُمَا بِكِفَايَةِ الْمُنْتَهَى وَالْآخَرُ بِالْهِدَايَةِ

(كِتَابُ الصَّيْدِ)

قَالَ صَاحِبُ غَايَةِ الْبَيَانِ: مُنَاسَبَةُ كِتَابِ الصَّيْدِ بِكِتَابِ الْأَشْرِبَةِ مِنْ حَيْثُ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَالصَّيْدِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي تُورِثُ السُّرُورَ وَالنَّشَاطَ فِي الْآدَمِيِّ، إلَّا أَنَّ السُّرُورَ فِي الْأَشْرِبَةِ الْمُبَاحَةِ أَكْثَرُ؛ لِأَنَّهُ بِأَمْرٍ يَدْخُلُ فِي الْبَاطِنِ، وَالسُّرُورُ فِي الصَّيْدِ بِأَمْرٍ خَارِجِيٍّ فَكَانَ الْأَوَّلُ أَقْوَى، وَصَارَ بِالتَّقْدِيمِ أَوْلَى انْتَهَى

أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ أَمَّا أَوَّلًا فَلِأَنَّ وَضْعَ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ لِبَيَانِ الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ دُونَ الْأَشْرِبَةِ الْمُبَاحَةِ، وَإِلَّا لَذُكِرَ فِيهِ كُلُّ أَشْرِبَةٍ مُبَاحَةٍ عَلَى التَّفْصِيلِ، مَعَ أَنَّهُ لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ مِنْ الْأَشْرِبَةِ الْمُبَاحَةِ إلَّا نَبْذٌ قَلِيلٌ لَهُ مُنَاسَبَةٌ مَعَ بَعْضِ الْأَشْرِبَةِ الْمُحَرَّمَةِ فِي وَجْهٍ مَا حَتَّى وَقَعَ لِأَجْلِهِ الْخِلَافُ مِنْ بَعْضِ الْعُلَمَاءِ فِي حِلِّهِ عَلَى أَنَّهُمْ صَرَّحُوا فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ بِأَنَّ الْأَشْرِبَةَ جَمْعُ شَرَابٍ

وَالشَّرَابُ عِنْدَ أَهْلِ الشَّرْعِ اسْمٌ لِمَا هُوَ حَرَامٌ مِنْ الْمَائِعَاتِ، فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ إنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَالصَّيْدِ مِنْ الْمُبَاحَاتِ الَّتِي تُورِثُ السُّرُورَ

وَأَمَّا ثَانِيًا فَلِأَنَّ مَا ذَكَرَهُ هَا هُنَا لَا يُنَاسِبُ مَا ذَكَرَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْأَشْرِبَةِ، فَإِنَّهُ قَالَ هُنَاكَ: ذَكَرَ كِتَابَ الْأَشْرِبَةِ بَعْدَ الشُّرْبِ لِمُنَاسَبَةٍ بَيْنَهُمَا فِي الِاشْتِقَاقِ، وَلَكِنْ قَدَّمَ الشُّرْبَ؛ لِأَنَّهُ حَلَالٌ وَالْأَشْرِبَةُ فِيهَا الْحَرَامُ كَالْخَمْرِ انْتَهَى

فَقَدْ جَعَلَ هُنَاكَ وَجْهَ تَأْخِيرِ الْأَشْرِبَةِ عَنْ الشُّرْبِ حُرْمَتَهَا، وَجَعَلَ هَا هُنَا وَجْهَ مُنَاسَبَتِهَا بِالصَّيْدِ إبَاحَتَهَا مَعَ إيرَاثِ السُّرُورِ، فَبَيْنَ كَلَامَيْهِ فِي الْمَقَامَيْنِ تَنَافُرٌ لَا يَخْفَى

فَالْوَجْهُ الظَّاهِرُ فِي مُنَاسَبَتِهِ كِتَابَ الصَّيْدِ لِكِتَابِ الْأَشْرِبَةِ وَفِي تَقْدِيمِ الْأَشْرِبَةِ عَلَى الصَّيْدِ مَا ذُكِرَ فِي الشُّرُوحِ الْأُخَرِ فَرَاجِعْهَا (قَوْلُهُ الصَّيْدُ هُوَ الِاصْطِيَادُ يُطْلَقُ عَلَى مَا يُصَادُ)

<<  <  ج: ص:  >  >>