للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَابُ التَّحَالُفِ)

قَالَ: (وَإِذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْبَيْعِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا ثَمَنًا وَادَّعَى الْبَائِعُ أَكْثَرَ مِنْهُ أَوْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَبِيعِ وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ مِنْهُ فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ قَضَى لَهُ بِهَا) لِأَنَّ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى مِنْهَا (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ أَوْلَى) لِأَنَّ الْبَيِّنَاتِ لِلْإِثْبَاتِ وَلَا تَعَارُضَ فِي الزِّيَادَةِ (وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ جَمِيعًا فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى فِي الثَّمَنِ وَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى فِي الْمَبِيعِ) نَظَرًا إلَى زِيَادَةِ الْإِثْبَاتِ.

بَابُ التَّحَالُفِ)

لَمَّا ذَكَرَ حُكْمَ يَمِينِ الْوَاحِدِ شَرَعَ فِي بَيَانِ حُكْمِ يَمِينِ الِاثْنَيْنِ لِأَنَّ الِاثْنَيْنِ بَعْدَ الْوَاحِدِ طَبْعًا فَرَاعَاهُ فِي الْوَضْعِ لِيُنَاسِبَ الْوَضْعُ الطَّبْعَ (قَالَ) أَيْ الْقُدُورِيُّ فِي مُخْتَصَرِهِ (وَإِذْ اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ فِي الْبَيْعِ فَادَّعَى أَحَدُهُمَا) أَيْ الْمُشْتَرِي (ثَمَنًا) بِأَنْ قَالَ مَثَلًا: اشْتَرَيْتُهُ بِمِائَةٍ (وَادَّعَى الْبَائِعُ أَكْثَرَ مِنْهُ) بِأَنْ قَالَ: بِعْتُهُ بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ (أَوْ اعْتَرَفَ الْبَائِعُ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَبِيعِ) بِأَنْ قَالَ مَثَلًا: الْمَبِيعُ كُرٌّ مِنْ الْحِنْطَةِ (وَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَكْثَرَ مِنْهُ) بِأَنْ قَالَ: هُوَ كُرَّانِ مِنْ الْحِنْطَةِ. وَالْحَاصِلُ إذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمَا فِي قَدْرِ الثَّمَنِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ فِي قَدْرِ الْمَبِيعِ كَمَا فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ (فَأَقَامَ أَحَدُهُمَا الْبَيِّنَةَ قُضِيَ لَهُ بِهَا) أَيْ بِالْبَيِّنَةِ (لِأَنَّ فِي الْجَانِبِ الْآخَرِ مُجَرَّدَ الدَّعْوَى وَالْبَيِّنَةُ أَقْوَى مِنْهَا) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ تُوجِبُ مِنْهُ الْحُكْمَ عَلَى الْقَاضِي وَمُجَرَّدُ الدَّعْوَى لَا يُوجِبُهُ عَلَيْهِ (وَإِنْ أَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بَيِّنَةً كَانَتْ الْبَيِّنَةُ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ أَوْلَى لِأَنَّ الْبَيِّنَاتِ لِلْإِثْبَاتِ) أَيْ وُضِعَتْ فِي الشَّرْعِ لِلْإِثْبَاتِ فَكُلُّ مَا كَانَ أَكْثَرَ إثْبَاتًا كَانَ أَوْلَى (وَلَا تَعَارُضَ فِي الزِّيَادَةِ) لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ الْمُثْبِتَةَ لِلْأَقَلِّ لَا تَتَعَرَّضُ لِلزِّيَادَةِ، فَكَانَتْ الْبَيِّنَةُ الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ سَالِمَةً عَنْ الْمُعَارِضِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ.

قَالَ تَاجُ الشَّرِيعَةِ: فَإِنْ قُلْت: الْبَيِّنَةُ الَّتِي تُثْبِتُ الْأَقَلَّ تَنْفِي الزِّيَادَةَ لِأَنَّهَا تُثْبِتُ أَنَّ كُلَّ الثَّمَنِ هَذَا الْقَدْرُ. قُلْت: الْمُثْبِتَةُ لِلزِّيَادَةِ تُثْبِتُهَا قَصْدًا وَتِلْكَ لَا تَنْفِيهَا قَصْدًا فَكَانَتْ الْأُولَى أَوْلَى لِمَا قَامَتْ بَيْنَهَا مُعَارَضَةٌ انْتَهَى. أَقُولُ: جَوَابُهُ هَذَا وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ إلَّا أَنَّهُ غَيْرُ مُطَابِقٍ لِظَاهِرِ تَقْرِيرِ الْمُصَنِّفِ، فَإِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ انْتِفَاءُ التَّعَارُضِ بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ فِي الزِّيَادَةِ، وَالْمَفْهُومُ مِنْ هَذَا الْجَوَابِ تَحَقُّقُ التَّعَارُضِ بَيْنَهُمَا فِي الزِّيَادَةِ مَعَ رُجْحَانِ الْبَيِّنَةِ الْمُثْبِتَةِ لِلزِّيَادَةِ عَلَى الْبَيِّنَةِ النَّافِيَةِ لَهَا فَتَأَمَّلْ (وَلَوْ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِي الثَّمَنِ وَالْمَبِيعِ جَمِيعًا) بِأَنْ قَالَ الْبَائِعُ مَثَلًا: بِعْتُك هَذِهِ الْجَارِيَةَ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بِعْتَنِيهَا وَهَذَا الْعَبْدُ مَعَهَا بِخَمْسِينَ دِينَارًا وَأَقَامَا بَيِّنَةً (فَبَيِّنَةُ الْبَائِعِ أَوْلَى فِي الثَّمَنِ وَبَيِّنَةُ الْمُشْتَرِي أَوْلَى فِي الْمَبِيعِ نَظَرًا إلَى زِيَادَةِ الْإِثْبَاتِ) فَالْجَارِيَةُ وَالْعَبْدُ جَمِيعًا لِلْمُشْتَرِي بِمِائَةِ دِينَارٍ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>