للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وَلَوْ قَالَ لَهُ مِنْ دَارِي مَا بَيْنَ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ فَلَهُ مَا بَيْنَهُمَا لَوْ لَيْسَ لَهُ مِنْ الْحَائِطَيْنِ شَيْءٌ) وَقَدْ مَرَّتْ الدَّلَائِلُ فِي الطَّلَاقِ.

(فَصْلٌ)

(وَمَنْ قَالَ: لِحَمْلِ فُلَانَةَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ، فَإِنْ قَالَ أَوْصَى لَهُ فُلَانٌ أَوْ مَاتَ أَبُوهُ فَوَرِثَهُ فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ) لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبٍ صَالِحٍ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ (ثُمَّ إذَا جَاءَتْ بِهِ فِي مُدَّةٍ يُعْلَمُ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ،

وَأَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ: الْأَصْلُ مَا قَالَهُ زُفَرُ مِنْ أَنَّ الْحَدَّ غَيْرُ الْمَحْدُودِ، وَمَا لَا يَقُومُ بِنَفْسِهِ حَدٌّ ذِكْرًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَاجِبًا، إلَّا أَنَّ الْغَايَةَ الْأُولَى لَا بُدَّ مِنْ إدْخَالِهَا لِأَنَّ الدِّرْهَمَ الثَّانِيَ وَالثَّالِثَ وَاجِبٌ، وَلَا يَتَحَقَّقُ الثَّانِي بِدُونِ الْأَوَّلِ، وَلِأَنَّ الْكَلَامَ يَسْتَدْعِي ابْتِدَاءً، فَإِذَا أَخْرَجْنَا الْأَوَّلَ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا صَارَ الثَّانِي هُوَ الِابْتِدَاءُ فَيَخْرُجُ هُوَ مِنْ أَنْ يَكُونَ وَاجِبًا ثُمَّ الثَّالِثُ وَالرَّابِعُ وَهَكَذَا بَعْدَهُ، فَلِأَجْلِ هَذِهِ الضَّرُورَةِ أَدْخَلْنَا فِيهِ الْغَايَةَ الْأُولَى، وَلَا ضَرُورَةَ فِي إدْخَالِ الْغَايَةِ الثَّانِيَةِ فَأَخَذْنَا فِيهَا بِالْقِيَاسِ انْتَهَى.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْغَايَةِ الْأُولَى اسْتِحْسَانٌ وَفِي الْغَايَةِ الثَّانِيَةِ قِيَاسٌ وَمَا قَالَاهُ فِي الْغَايَتَيْنِ اسْتِحْسَانٌ وَمَا قَالَهُ زُفَرُ فِيهِمَا قِيَاسٌ كَذَا فِي مَبْسُوطِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ.

(وَلَوْ قَالَ لَهُ مِنْ دَارِي مَا بَيْنَ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ فَلَهُ) أَيْ لِلْمُقَرِّ لَهُ (مَا بَيْنَهُمَا) أَيْ مَا بَيْنَ الْحَائِطَيْنِ (وَلَيْسَ لَهُ مِنْ الْحَائِطَيْنِ شَيْءٌ) أَيْ لَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِالِاتِّفَاقِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَقَدْ مَرَّتْ الدَّلَائِلُ) أَيْ دَلَائِلُ هَذِهِ الْمَسَائِلِ (فِي الطَّلَاقِ) أَيْ فِي بَابِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ فَمَنْ شَاءَ الِاطِّلَاعَ عَلَيْهَا فَلْيُرَاجِعْهُ.

(فَصْلٌ) لَمَّا كَانَتْ مَسَائِلُ الْحَمْلِ مُغَايِرَةً لِغَيْرِهَا صُورَةً وَمَعْنًى ذَكَرَهَا فِي فَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ وَأَلْحَقَ بِهَا مَسْأَلَةَ الْخِيَارِ اتِّبَاعًا لِلْمَبْسُوطِ، كَذَا فِي الشُّرُوحِ (وَمَنْ قَالَ لِحَمْلِ فُلَانَةَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ) فَهُوَ لَا يَخْلُو عَنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ؛ لِأَنَّهُ إمَّا أَنْ يُبَيِّنَ سَبَبًا أَوْ لَا يُبَيِّنُ ذَلِكَ، فَإِنْ بَيَّنَ سَبَبًا فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ السَّبَبُ صَالِحًا أَوْ غَيْرَ صَالِحٍ، فَإِنْ كَانَ صَالِحًا وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ بِقَوْلِهِ (فَإِنْ قَالَ أَوْصَى بِهَا) أَيْ بِالْأَلْفِ (لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ وَهُوَ الْجَنِينُ (فُلَانٌ أَوْ) قَالَ: (مَاتَ أَبُوهُ) أَيْ أَبُو الْحَمْلِ (فَوَرِثَهُ) أَيْ وَرِثَ الْحَمْلُ الْأَلْفَ، أَنَّثَ ضَمِيرَ الْأَلْفِ أَوَّلًا بِاعْتِبَارِ الدَّرَاهِمِ، وَذَكَّرَهُ ثَانِيًا لِكَوْنِ الْأَلْفِ مُذَكَّرًا فِي الْأَصْلِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الْأَلْفُ مِنْ الْعَدَدِ مُذَكَّرٌ، وَلَوْ أُنِّثَ بِاعْتِبَارِ الدَّرَاهِمِ جَازَ انْتَهَى (فَالْإِقْرَارُ) فِي هَذَا الْوَجْهِ (صَحِيحٌ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِسَبَبٍ صَالِحٍ لِثُبُوتِ الْمِلْكِ لَهُ) أَيْ لِلْحَمْلِ: يَعْنِي أَنَّهُ بَيَّنَ سَبَبًا صَالِحًا لِثُبُوتِ الْمِلْكِ لِلْحَمْلِ، فَلَوْ عَايَنَّاهُ حَكَمْنَا بِوُجُوبِ الْمَالِ عَلَيْهِ، فَكَذَلِكَ إذَا ثَبَتَ بِإِقْرَارِهِ، وَهَذَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ صَدَرَ مِنْ أَهْلِهِ مُضَافًا إلَى مَحَلِّهِ وَلَمْ يُتَيَقَّنْ بِكَذِبِهِ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ فَكَانَ صَحِيحًا كَمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ بَعْدَ الِانْفِصَالِ لِأَنَّ الْجَنِينَ أَهْلٌ لَأَنْ يَسْتَحِقَّ الْمَالَ بِالْإِرْثِ أَوْ الْوَصِيَّةِ (ثُمَّ إذَا) وُجِدَ السَّبَبُ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِ الْمُقَرِّ لَهُ عِنْدَهُ، فَإِنْ (جَاءَتْ) أَيْ فُلَانَةُ (بِهِ) أَيْ بِالْوَلَدِ (فِي مُدَّةٍ يُعْلَمُ بِهَا أَنَّهُ) أَيْ الْوَلَدَ (كَانَ قَائِمًا) أَيْ مَوْجُودًا (وَقْتَ الْإِقْرَارِ لَزِمَهُ) أَيْ لَزِمَ الْمُقِرَّ مَا أَقَرَّ بِهِ، وَالْعِلْمُ بِأَنَّ الْوَلَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>