للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(وَلَوْ قَالَ: لِفُلَانٍ عَلَيَّ خَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ يُرِيدُ الضَّرْبَ وَالْحِسَابَ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ) لِأَنَّ الضَّرْبَ لَا يُكْثِرُ الْمَالَ. وَقَالَ الْحَسَنُ: يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الطَّلَاقِ (وَلَوْ قَالَ أَرَدْت خَمْسَةً مَعَ خَمْسَةٍ لَزِمَهُ عَشَرَةٌ) لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ.

(وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ قَالَ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَلْزَمُهُ الِابْتِدَاءُ وَمَا بَعْدَهُ وَتَسْقُطُ الْغَايَةُ، وَقَالَا: يَلْزَمُهُ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا) فَتَدْخُلُ الْغَايَتَانِ. وَقَالَ زُفَرٌ: يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ وَلَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ.

وَمِنْهُ أَنَّهُ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُعَرَّفُ وَالْمُنَكَّرُ وَيُرْجَعُ فِي بَيَانِ الْمُنَكَّرِ إلَيْهِ وَهُوَ مَا قَالَهُ فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُك ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ فَهُوَ إقْرَارٌ بِغَصْبِ الثَّوْبِ وَالْمِنْدِيلِ وَيُرْجَعُ فِي الْبَيَانِ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ دِرْهَمٌ فِي دِرْهَمٍ أَوْ دِرْهَمًا فِي طَعَامٍ لَمْ يَلْزَمْهُ إلَّا دِرْهَمٌ، وَالْأَصْلُ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ أَنَّ فِي مَتَى دَخَلَتْ عَلَى مَا يَصْلُحُ ظَرْفًا وَيُجْعَلُ ظَرْفًا عَادَةً اقْتَضَى غَصْبَهُمَا، وَإِلَّا فَغَصْبُ الْأَوَّلِ دُونَ غَيْرِهِ، إلَى هُنَا كَلَامُهُ.

(وَلَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ خَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ يُرِيدُ الضَّرْبَ وَالْحِسَابَ لَزِمَهُ خَمْسَةٌ) هَذَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي تَعْلِيلِهِ (لِأَنَّ الضَّرْبَ لَا يُكْثِرُ الْمَالَ) يَعْنِي أَنَّ أَثَرَ الضَّرْبِ فِي تَكْثِيرِ الْأَجْزَاءِ لِإِزَالَةِ الْكَسْرِ لَا فِي تَكْثِيرِ الْمَالِ وَخَمْسَةِ دَرَاهِمَ وَزْنًا، وَإِنْ جَعَلَ أَلْفَ جُزْءٍ لَا يُزَادُ فِيهِ وَزْنُ قِيرَاطٍ، عَلَى أَنَّ حِسَابَ الضَّرْبِ فِي الْمَمْسُوحَاتِ لَا فِي الْمَوْزُونَاتِ، كَذَا قَالُوا، وَلِأَنَّ حَرْفَ فِي لِلظَّرْفِ حَقِيقَةً وَالدَّرَاهِمُ لَا تَكُونُ ظَرْفًا لِلدَّرَاهِمِ، وَاسْتِعْمَالُهُ فِي غَيْرِ الظَّرْفِ مَجَازٌ، وَالْمَجَازُ قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى مَعَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي﴾ أَيْ مَعَ عِبَادِي، وَقَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى عَلَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ أَيْ عَلَى جُذُوعِ النَّخْلِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَلَزِمَهُ خَمْسَةٌ بِأَوَّلِ كَلَامِهِ وَلَغَا آخِرُهُ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَغَيْرِهِ.

(وَقَالَ الْحَسَنُ) يَعْنِي الْحَسَنَ بْنَ زِيَادٍ صَاحِبَ أَبِي حَنِيفَةَ (يَلْزَمُهُ خَمْسَةٌ وَعِشْرُونَ) لِأَنَّهُ الْحَاصِلُ مِنْ ضَرْبِ خَمْسَةٍ فِي خَمْسَةٍ عِنْدَ أَهْلِ الْحِسَابِ وَقَدْ مَرَّ جَوَابُهُ آنِفًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَقَدْ ذَكَرْنَاهُ فِي الطَّلَاقِ) أَيْ فِي بَابِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ مِنْ كِتَابِ الطَّلَاقِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ ثَمَّةَ صَرِيحًا بَلْ فُهِمَ ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ زُفَرٍ فِيمَا لَوْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثِنْتَيْنِ فِي ثِنْتَيْنِ وَنَوَى الضَّرْبَ وَالْحِسَابَ، فَعِنْدَنَا يَقَعُ ثِنْتَانِ وَعِنْدَهُ يَقَعُ ثَلَاثٌ، وَإِنَّمَا ذَكَرَ مَسْأَلَةَ الْإِقْرَارِ صَرِيحًا فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ فِي شُرُوحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، كَذَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ (وَلَوْ قَالَ: أَرَدْت خَمْسَةً مَعَ خَمْسَةٍ) أَيْ لَوْ قَالَ الْمُقِرُّ: أَرَدْت بِقَوْلِي خَمْسَةٌ فِي خَمْسَةٍ خَمْسَةً مَعَ خَمْسَةٍ (لَزِمَهُ عَشَرَةٌ لِأَنَّ اللَّفْظَ يَحْتَمِلُهُ) قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي﴾ قِيلَ مَعَ عِبَادِي، كَذَا فِي الْكَافِي، وَلَوْ قَالَ: عَنَيْت خَمْسَةً وَخَمْسَةً لَزِمَهُ عَشَرَةٌ أَيْضًا لِأَنَّهُ اسْتَعْمَلَ فِي بِمَعْنَى وَاوِ الْعَطْفِ، كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ. وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ إيقَاعِ الطَّلَاقِ أَنَّهُ لَوْ نَوَى بِقَوْلِهِ وَاحِدَةً فِي ثِنْتَيْنِ وَاحِدَةً فَهِيَ ثَلَاثٌ لِأَنَّهُ يَحْتَمِلُهُ، فَإِنَّ حَرْفَ الْوَاوِ لِلْجَمْعِ وَالظَّرْفُ يَجْمَعُ الْمَظْرُوفَ، وَإِنْ نَوَى وَاحِدَةً مَعَ ثِنْتَيْنِ يَقَعُ الثَّلَاثُ لِأَنَّ فِي يَأْتِي بِمَعْنَى مَعَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَادْخُلِي فِي عِبَادِي﴾ وَلَوْ نَوَى الظَّرْفَ يَقَعُ وَاحِدَةً لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَصْلُحُ ظَرْفًا فَيَلْغُو ذِكْرُ الثَّانِي، إلَى هُنَا لَفْظُهُ. قَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ: وَلَمْ يَذْكُرْ فِي الْكِتَابِ وَلَا فِي الْمَبْسُوطِ أَنَّهُ لَوْ أَرَادَ بِفِي مَعْنَى عَلَى مَا حُكْمُهُ عِنْدَ عُلَمَائِنَا. وَذَكَرَ فِي الذَّخِيرَةِ أَنَّ حُكْمَهُ أَيْضًا كَحُكْمِ فِي، حَتَّى لَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ فِي عَشَرَةٍ ثُمَّ قَالَ عَنَيْت بِهِ عَلَيَّ عَشَرَةٌ أَوْ قَالَ عَنَيْت بِهِ الضَّرْبَ لَزِمَهُ عَشَرَةٌ عِنْدَ عُلَمَائِنَا اهـ.

(وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مِنْ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ أَوْ قَالَ مَا بَيْنَ دِرْهَمٍ إلَى عَشَرَةٍ لَزِمَهُ تِسْعَةٌ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَيَلْزَمُهُ الِابْتِدَاءُ وَمَا بَعْدَهُ وَتَسْقُطُ الْغَايَةُ، وَقَالَا: يَلْزَمُهُ الْعَشَرَةُ كُلُّهَا فَتَدْخُلُ الْغَايَتَانِ) أَيْ الِابْتِدَاءُ وَالِانْتِهَاءُ (وَقَالَ زُفَرُ: يَلْزَمُهُ ثَمَانِيَةٌ وَلَا تَدْخُلُ الْغَايَتَانِ) قَالَ فِي النِّهَايَةِ: وَالْقِيَاسُ مَا قَالَهُ زُفَرُ، فَإِنَّهُ جَعَلَ الدِّرْهَمَ الْأَوَّلَ وَالْآخِرَ حَدًّا وَلَا يَدْخُلُ الْحَدُّ فِي الْمَحْدُودِ كَمَنْ قَالَ لِفُلَانٍ مِنْ هَذَا الْحَائِطِ إلَى هَذَا الْحَائِطِ أَوْ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْحَائِطَيْنِ لَا يَدْخُلُ الْحَائِطَانِ فِي الْإِقْرَارِ، فَكَذَلِكَ هَاهُنَا لَا يَدْخُلُ الْحَدَّانِ. وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ قَالَا: هُوَ كَذَلِكَ فِي حَدٍّ قَائِمٍ بِنَفْسِهِ كَمَا فِي الْمَحْسُوسَاتِ فَأَمَّا فِيمَا لَيْسَ بِقَائِمٍ بِنَفْسِهِ فَلَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ كَوْنُهُ حَدًّا إذَا كَانَ وَاجِبًا فَأَمَّا مَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ فَلَا يُتَصَوَّرُ أَنْ يَكُونَ حَدًّا لِمَا هُوَ وَاجِبٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>