للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي الِاسْتِيفَاءِ، وَلَيْسَ هَذَا عَمَلًا عَلَى وَفْقِ الْحُجَّةِ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ وَإِنْ كَانَ قِيَاسًا لَكِنَّ مُحَمَّدًا أَخَذَ بِهِ لِقُوَّتِهِ، وَإِذَا وَقَعَ بَاطِلًا فَلَوْ هَلَكَ يَهْلِكُ أَمَانَةً؛ لِأَنَّ الْبَاطِلَ لَا حُكْمَ لَهُ

قَالَ (وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَالْعَبْدُ فِي أَيْدِيهِمَا فَأَقَامَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ كَانَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ رَهْنًا يَبِيعُهُ بِحَقِّهِ اسْتِحْسَانًا) وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَفِي الْقِيَاسِ: هَذَا بَاطِلٌ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّ الْحَبْسَ لِلِاسْتِيفَاءِ حُكْمٌ أَصْلِيٌّ لِعَقْدِ الرَّهْنِ فَيَكُونُ الْقَضَاءُ بِهِ قَضَاءً بِعَقْدِ الرَّهْنِ وَأَنَّهُ بَاطِلٌ لِلشُّيُوعِ كَمَا فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ

وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ الْعَقْدَ لَا يُرَادُ لِذَاتِهِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ لِحُكْمِهِ، وَحُكْمُهُ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ الْحَبْسُ وَالشُّيُوعُ يَضُرُّهُ، وَبَعْدَ الْمَمَاتِ الِاسْتِيفَاءُ بِالْبَيْعِ فِي الدَّيْنِ وَالشُّيُوعُ لَا يَضُرُّهُ، وَصَارَ كَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلَانِ نِكَاحَ امْرَأَةٍ أَوْ ادَّعَتْ أُخْتَانِ النِّكَاحَ عَلَى رَجُلٍ وَأَقَامُوا الْبَيِّنَةَ تَهَاتَرَتْ فِي حَالَةِ الْحَيَاةِ وَيُقْضَى بِالْمِيرَاثِ بَيْنَهُمْ بَعْدَ الْمَمَاتِ؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ الِانْقِسَامَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ الْعَدْلِ

(قَالَ وَإِذَا اتَّفَقَا عَلَى وَضْعِ الرَّهْنِ عَلَى يَدِ الْعَدْلِ جَازَ وَقَالَ مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ) ذَكَرَ قَوْلَهُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ؛ لِأَنَّ

دَلِيلٌ سَبَقَ عَقْدَهُ كَمَا فِي الشِّرَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، إلَّا أَنْ يُقِيمَ الْآخَرُ بَيِّنَةً أَنَّهُ الْأَوَّلُ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي السَّبَقِ وَهُوَ يَفُوقُ الدَّلَالَةَ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ أَوَّلًا وَكَلَامُهُ فِيهِ وَاضِحٌ، وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِيهِمَا فَإِنْ عَلِمَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا فَهُوَ أَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ عَلَى مَا ذُكِرَ فِيهَا مِنْ الْقِيَاسِ وَالِاسْتِحْسَانِ

قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: وَبِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ، وَوَجْهُهُ مَا ذُكِرَ فِي الْكِتَابِ انْتَهَى

أَقُولُ: فِي تَحْرِيرِ الْمَذْكُورِ نَوْعُ اخْتِلَالٍ وَاضْطِرَابٍ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ التَّفْصِيلَ فِي الشِّقِّ الثَّالِثِ بِقَوْلِهِ: فَإِنْ عَلِمَ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا إلَخْ، وَتَرَكَ هَذَا التَّفْصِيلَ فِي الشِّقِّ الثَّانِي، وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، مَعَ أَنَّ هَذَا التَّفْصِيلَ مِمَّا لَا بُدَّ مِنْهُ فِي ذَاكَ الشِّقِّ أَيْضًا، وَأَيْضًا إنْ أَرَادَ بِمَسْأَلَةِ الْكِتَابِ فِي قَوْلِهِ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَهُوَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ: وَإِنْ أَقَامَ الرَّجُلَانِ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْبَيِّنَةَ يَلْزَمُ التَّنَافِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ فِيمَا قَبْلُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ أَوَّلًا

وَإِنْ أَرَادَ بِهَا قَوْلَ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ مَاتَ الرَّاهِنُ وَالْعَبْدُ فِي أَيْدِيهِمَا كَمَا هُوَ الظَّاهِرُ لَمْ يَتِمَّ قَوْلُهُ بَعْدَهُ

قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ: وَبِهِ أَيْ بِالْقِيَاسِ نَأْخُذُ، فَإِنَّ مُحَمَّدًا إنَّمَا يَأْخُذُ بِالْقِيَاسِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى لَا فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ، فَكَانَ حَقُّ قَوْلِهِ: الْمَزْبُورِ أَنْ يُذْكَرَ مُتَّصِلًا بِبَيَانِ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى كَمَا لَا يَخْفَى

(بَابُ الرَّهْنِ يُوضَعُ عَلَى يَدِ الْعَدْلِ)

لَمَّا فَرَغَ مِنْ الْأَحْكَامِ الرَّاجِعَةِ إلَى نَفْسِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ ذَكَرَ فِي هَذَا الْبَابِ الْأَحْكَامَ الرَّاجِعَةَ إلَى نَائِبِهِمَا وَهُوَ الْعَدْلُ لِمَا أَنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>