للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِأَنَّهُمَا مُتَّهَمَانِ فِيهِ لِقِيَامِ الْعِدَّةِ، وَبَابُ الْإِقْرَارِ مَسْدُودٌ لِلْوَارِثِ، فَلَعَلَّهُ أَقْدَمَ عَلَى هَذَا الطَّلَاقِ لِيَصِحَّ إِقْرَارُهُ لَهَا زِيَادَةً عَلَى مِيرَاثِهَا وَلَا تُهْمَةَ فِي أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ فَيَثْبُتُ.

(وَمَنْ أَقَرَّ بِغُلَامٍ يُولَدُ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ، وَلَيْسَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ أَنَّهُ ابْنُهُ وَصَدَّقَهُ الْغُلَامُ ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا) لِأَنَّ النَّسَبَ مِمَّا يَلْزَمُهُ خَاصَّةً، فَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِهِ، وَشَرْطٌ أَنْ يُولَدَ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ كَيْ لَا يَكُونَ مُكَذَّبًا فِي الظَّاهِرِ، وَشَرْطٌ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ ثُبُوتَهُ مِنْ غَيْرِهِ، وَإِنَّمَا شَرَطَ تَصْدِيقَهُ لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ إِذِ الْمَسْأَلَةُ فِي غُلَامٍ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ،

وَالْمَذْكُورُ فِي الْكِتَابِ: ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا، وَبَيْنَهُمَا بَوْنٌ لَا يَخْفَى. قَالَ الْمُصَنِّفُ: فِي تَعْلِيلِ مَسْأَلَةِ الْكِتَابِ: (لِأَنَّهُمَا)، أَيِ: الزَّوْجَيْنِ (مُتَّهَمَانِ فِيهِ)، أَيْ: فِي هَذَا الْإِقْرَارِ؛ (لِقِيَامِ الْعِدَّةِ) أَشَارَ بِهَذَا إِلَى أَنَّ وَضْعَ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا إِذَا كَانَ مَوْتُ الْمُقِرِّ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ مَوْتُهُ بَعْدَ انْقِضَائِهَا فَإِقْرَارُهُ لَهَا جَائِزٌ.

(وَبَابُ الْإِقْرَارِ مَسْدُودٌ لِلْوَارِثِ فَلَعَلَّهُ)، أَيْ: فَلَعَلَّ الزَّوْجَ (أَقْدَمَ عَلَى هَذَا الطَّلَاقِ لِيَصِحَّ إِقْرَارُهُ لَهَا زِيَادَةً عَلَى مِيرَاثِهَا)، فَوَقَعَتِ التُّهْمَةُ فِي إِقْرَارِهِ. (وَلَا تُهْمَةَ فِي أَقَلِّ الْأَمْرَيْنِ فَيَثْبُتُ)، أَيْ: أَقَلَّ الْأَمْرَيْنِ. قَالَ عَلَاءُ الدِّينِ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي شَرْحِ الْكَافِي: وَلَوْ أَقَرَّ لِامْرَأَتِهِ بِدَيْنٍ مِنْ مَهْرِهَا صُدِّقَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَهْرِ مَثْلِهَا، وَتَحَاصَّ غُرَمَاءُ الصِّحَّةِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِمَا يَمْلِكُ إِنْشَاءَهُ، فَانْعَدَمَتِ التُّهْمَةُ، وَلَوْ أَقَرَّتِ الْمَرْأَةُ فِي مَرَضِهَا بِقَبْضِ الْمَهْرِ مِنْ زَوْجِهَا لَمْ تُصَدَّقْ؛ لِأَنَّهَا أَقَرَّتْ بِدَيْنٍ لِلزَّوْجِ؛ لِأَنَّ الْقَبْضَ يُوجِبُ مِثْلَ الْمَقْبُوضِ فِي الذِّمَّةِ، ثُمَّ يَلْتَقِيَانِ قِصَاصًا، وَالْإِقْرَارُ بِالدَّيْنِ لِلْوَارِثِ لَا يَصِحُّ، انْتَهَى.

وَفِي الْفَتَاوَى الصُّغْرَى: الْمَرِيضَةُ إِذَا أَقَرَّتْ بِاسْتِيفَاءِ مَهْرِهَا فَإِنْ مَاتَ وَهِيَ مَنْكُوحَةٌ أَوْ مُعْتَدَّةٌ لَا يَصِحُّ إِقْرَارُهَا، وَإِنْ مَاتَتْ غَيْرَ مَنْكُوحَةٍ وَلَا مُعْتَدَّةٍ بِأَنْ طَلَّقَهَا قَبْلَ الدُّخُولِ يَصِحُّ.

(فَصْلٌ فِي بَيَانِ الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ)

قَدَّمَ الْإِقْرَارَ بِالْمَالِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالنَّسَبِ لِكَثْرَةِ وُقُوعِ الْأَوَّلِ وَقِلَّةِ وُقُوعِ الثَّانِي، وَلَا رَيْبَ فِي أَنَّ مَا هُوَ كَثِيرُ الدَّوَرَانِ أَهَمُّ بِالْبَيَانِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَ الثَّانِي بِفَصْلٍ عَلَى حِدَةٍ لِانْفِرَادِهِ بِبَعْضِ الشُّرُوطِ وَالْأَحْكَامِ، كَمَا سَيَظْهَرُ، (وَمَنْ أَقَرَّ بِغُلَامٍ يُولَدُ مِثْلهُ)، أَيْ: مِثْلَ ذَلِكَ الْغُلَامِ (لِمَثَلِهِ)، أَيْ: لِمِثْلِ الْمُقِرِّ، يَعْنِي: هُمَا فِي السِّنِّ، بِحَيْثُ يَجُوزُ أَنْ يُولَدَ الْمُقَرُّ لَهُ لِلْمُقِرِّ، (وَلَيْسَ لَهُ)، أَيْ: لِلْغُلَامِ (نَسَبٌ مَعْرُوفٌ) بَلْ كَانَ مَجْهُولَ النَّسَبِ (أَنَّهُ ابْنُهُ)، أَيْ: أَقَرَّ أَنَّهُ ابْنُهُ. (وَصَدَّقَهُ الْغُلَامُ)، أَيْ: فِيمَا إِذَا كَانَ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ، وَأَمَّا إِذَا كَانَ لَا يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ تَصْدِيقهُ، كَمَا صَرَّحُوا بِهِ قَاطِبَةً. (ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ) جَوَابُ الْمَسْأَلَةِ، أَيْ: ثَبَتَ نَسَبُ الْغُلَامِ مِنَ الْمُقِرِّ، (وَإِنْ كَانَ) الْمُقِرُّ (مَرِيضًا) إِلَى هُنَا لَفْظُ الْقُدُورِيِّ فِي مُخْتَصَرِهِ.

قَالَ الْمُصَنِّفُ: فِي تَعْلِيلِ الْمَسْأَلَةِ: (لِأَنَّ النَّسَبَ مِمَّا يَلْزَمُهُ خَاصَّةً) يَعْنِي أَنَّ النَّسَبَ فِي الصُّورَةِ الْمَذْكُورَةِ مِمَّا يَلْزَمُ الْمُقِرَّ خَاصَّةً، لَيْسَ فِيهِ حَمْلُ النَّسَبِ عَلَى الْغَيْرِ، (فَيَصِحُّ إِقْرَارُهُ بِهِ)، وَإِنْ كَانَ مَرِيضًا؛ لِأَنَّ إِقْرَارَ الْمَرِيضِ إِنَّمَا لَا يَصِحُّ فِيمَا فِيهِ التُّهْمَةُ لِحَقِّ الْغَيْرِ وَلَا تُهْمَةَ هَاهُنَا. (وَشَرْطٌ أَنْ يُولَدَ مِثْلُهُ لِمِثْلِهِ كَيْ لَا يَكُونَ مُكَذَّبًا فِي الظَّاهِرِ)، فَلَا يَصِحُّ إِقْرَارُهُ.

(وَشَرْطٌ أَنْ لَا يَكُونَ لَهُ نَسَبٌ مَعْرُوفٌ؛ لِأَنَّهُ)، أَيْ: لِأَنَّ كَوْنَ نَسَبِهِ مَعْرُوفًا (يَمْنَعُ ثُبُوتَهُ مِنْ غَيْرِهِ)؛ لِأَنَّ النَّسَبَ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ بَعْدَ ثُبُوتِهِ. (وَإِنَّمَا شَرَطَ تَصْدِيقَهُ)، أَيْ: تَصْدِيقَ الْغُلَامِ. (لِأَنَّهُ فِي يَدِ نَفْسِهِ؛ إِذِ الْمَسْأَلَةُ فِي غُلَامٍ يُعَبِّرُ عَنْ نَفْسِهِ) وَإِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>