قَالَ: (وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنَ الدَّيْنِ وَمِنْ مِيرَاثِهَا مِنْهُ)
فِي الْمَرَضِ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ عَلَى مَا يَأْتِي بَيَانُهُ، وَفِي وَصَايَا الْجَامِعِ الصَّغِيرِ: وَلَوْ أَنَّ الْمَرِيضَ أَقَرَّ بِدِينٍ لِابْنِهِ وَهُوَ نَصْرَانِيٌّ أَوْ عَبْدٌ ثُمَّ أَسْلَمَ الِابْنُ أَوْ أُعْتِقَ الْعَبْدُ ثُمَّ مَاتَ الرَّجُلُ فَالْإِقْرَارُ بَاطِلٌ؛ لِأَنَّهُ حِينَ أَقَرَّ كَانَ سَبَبُ التُّهْمَةِ بَيْنَهُمَا قَائِمًا وَهُوَ الْقُرَابَةُ الَّتِي صَارَ بِهَا وَارِثًا فِي ثَانِيَ الْحَالِ، وَلَيْسَ هَذَا كَالَّذِي أَقَرَّ لِامْرَأَةٍ ثُمَّ تَزَوَّجَهَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ التُّهْمَةِ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَائِمًا وَقْتَ الْإِقْرَارِ، انْتَهَى.
(قَالَ)، أَيِ: الْقُدُورِيَّ فِي مُخْتَصَرِهِ: (وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا، ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنَ الدَّيْنِ وَمِنْ مِيرَاثِهَا مِنْهُ)، أَيْ: مِنَ الزَّوْجِ، قَالَ الْإِمَامُ الزَّيْلَعِيُّ فِي شَرْحِ الْكَنْزِ: هَذَا إِذَا طَلَّقَهَا بِسُؤَالِهَا، وَإِنْ طَلَّقَهَا بِلَا سُؤَالِهَا فَلَهَا الْمِيرَاثُ بَالِغًا مَا بَلَغَ، وَلَا يَصِحُّ الْإِقْرَارُ لَهَا؛ لِأَنَّهَا وَارِثَةٌ إِذْ هُوَ فَارٌّ، وَقَدْ بَيَّنَّاهُ فِي طَلَاقِ الْمَرِيضِ، انْتَهَى.
وَقَالَ نَجْمُ الدِّينِ الزَّاهِدِيُّ فِي شَرْحِ مُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ، وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالشُّرُوحِ: وَمَنْ طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا بِسُؤَالِهَا، ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنِ، وَالْمَوْضِعَانِ صَحِيحَانِ، وَالْحُكْمُ فِيهِمَا وَاحِدٌ عَلَى مَا قَرَّرَهُ فِي الْجَامِعِ وَالْمُحِيطِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَوْلَا الْإِقْرَارُ، فَفِي الْوَضْعِ الْأَوَّلِ: تَرِثُهُ إِذَا مَاتَ فِي الْعِدَّةِ، وَفِي الْوَضْعِ الثَّانِي: لَا تَرِثُهُ، وَمَعَ هَذَا إِذَا أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنَ الدَّيْنِ وَمِنَ الْمِيرَاثِ، انْتَهَى كَلَامُهُ.
أَقُولُ: قَدْ اخْتَلَفَ رَأْيَاهُمَا فِي اسْتِخْرَاجِ هَذَا الْمَقَامِ. وَالَّذِي يُطَابِقُ مَا مَرَّ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ مِنْ هَذَا الْكِتَابِ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ، فَإِنَّهُ قَالَ هُنَاكَ: وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا فِي مَرَضِهِ بِأَمْرِهَا، ثُمَّ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ أَوْ أَوْصَى لَهَا بِوَصِيَّةٍ فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنْ ذَلِكَ وَمِنَ الْمِيرَاثِ، فَكَانَتِ الْمَسْأَلَةُ مُقَيَّدَةً هُنَاكَ بِمَا قَيَّدَهُ الزَّيْلَعِيُّ هَا هُنَا، وَلَا يَرَى لِلتَّقْيِيدِ فَائِدَةً سِوَى الِاحْتِرَازِ عَمَّا إِذَا طَلَّقَهَا بِغَيْرِ أَمْرِهَا، ثُمَّ إِنِّي تَتَبَّعْتُ عَامَّةَ الْمُعْتَبَرَاتِ حَتَّى الْجَامِعِ وَالْمُحِيطِ وَلَمْ أَظْفَرْ فِي شَيْءٍ مِنْهَا بِكَوْنِ الْحُكْمِ وَاحِدًا فِي الْمَوْضِعَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ، بَلْ أَيْنَمَا وَجَدْتُ الْمَسْأَلَةَ الْمَزْبُورَةَ مَذْكُورَةٌ مَعَ الْحُكْمِ الْمَسْفُورِ وَجَدْتُهَا مُقَيَّدَةً بِكَوْنِ الطَّلَاقِ بِسُؤَالِ الْمَرْأَةِ أَوْ بِأَمْرِهَا: فَالظَّاهِرُ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
وَأَمَّا عَدَمُ تَعَرُّضِ الْمُصَنِّفِ وَصَاحِبِ الْكَافِي وَكَثِيرٍ مِنَ الشُّرَّاحِ هَاهُنَا لِلتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ، فَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِنَاءً عَلَى ظُهُورِهِ مِمَّا صَرَّحَ بِهِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ، ثُمَّ إِنَّ صَاحِبَ الْعِنَايَةِ مِنَ الشُّرَّاحِ وَإِنْ قَيَّدَ الْمَسْأَلَةَ هَاهُنَا أَيْضًا بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ إِلَّا أَنَّهُ فَسَّرَهَا؛ حَيْثُ جَعَلَهَا مِثَالًا لِمَا إِذَا كَانَ الْمُقِرُّ لَهُ وَارِثًا حَالَةَ الْإِقْرَارِ دُونَ الْمَوْتِ، فَغَيَّرَهَا عَنْ وَضْعِهِمَا الْمَذْكُورِ فِي الْكِتَابِ، فَقَالَ: كَمَا إِذَا طَلَّقَ زَوْجَتَهُ فِي مَرَضِهِ ثَلَاثًا بِأَمْرِهَا، وَقَدْ أَقَرَّ لَهَا بِدَيْنٍ، فَلَهَا الْأَقَلُّ مِنَ الدَّيْنِ وَالْمِيرَاثِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute